تقاريرتقارير وقصص إنسانية

الطلبة السوريون في الأردن.. حلم التعليم الجامعي مع قلة المنح

تجمع أحرار حوران – عامر الحوراني

يواجه مئات الطلبة السوريين الناجحين في امتحان الثانوية العامة الأردنية (التوجيهي) مصيرًا مجهولًا في ظل شبه انعدام فرصهم في الالتحاق بالجامعات الأردنية، سيّما وأن معظمهم تعاني أسرهم من ظروف اقتصادية صعبة.

وازدادت مشكلة تعطّل تعليم الطلبة السوريين عند وصولهم للمرحلة الجامعية منذ عام 2018، مع انحسار التمويل الدولي لمنح التعليم الجامعية التي تقدمها منظمات وجمعيات مختلفة أبرزها منحتي “دافي” التي تعلن عنها مفوضية اللاجئين السوريين في الأردن والمدعومة من الحكومة الألمانية و”إيديو سيريا” الممولة من الاتحاد الأوروبي.

“سارة المحمد”، اسم مستعار لطالبة سورية حصلت على معدل 87% في التوجيهي وبالرغم من أن معدلها مرتفع وتعتبر من المتفوقين دراسيًا إلّا أنها لم تحصل على أي منحة دراسية لتبدأ تعليمها الجامعي في العام الدراسي المقبل.

وكما أن ظروف عائلة سارة المعيشية صعبة لذلك فإنهم لم يسجّلوها في أي من الجامعات الأردنيّة بسبب ارتفاع رسوم التسجيل فيها، وهو ما سيجعلها أسيرة الانتظار حتى الحصول على مقعد لدى إحدى المنح للبدء بمرحلة التعليم الجامعية، وفق حديثها لتجمع أحرار حوران.

وهناك المئات من الطلبة السوريين مثل سارة، ويوجد من حصلوا على معدلات أعلى من ذلك بكثير بينهم سوريين أحرزوا مراكز متقدمة ضمن الأوائل على المملكة لكنهم وصلوا إلى طريق مسدودة لإكمال مسيرتهم التعليمية، وفي حال حصل أحدهم على مقعد دراسي ضمن منحتي دافي أو إيديو سيريا فإن التخصصات التي يمكنهم اختيارها محددة.

شروط ومحددات صعبة

استثنت منحة دافي تخصصات الهندسة والصيدلة والطب من برنامجها المانح لتسجيل الطلبة السوريين الذين تختارهم في الجامعات الأردنية، إذ تتكفل برسوم دراستهم الجامعية كاملة ضمن هذه المنحة، وبحسب متابعون فإن هذا القرار بدأ تطبيقه قبل أكثر من عامين مع تضاعف الدعم الدولي للبرنامج التعليمي إلى جانب عدة برامج أخرى كان يستفيد منها اللاجئون السوريون في الأردن.

لذا فإن هذا القرار يحرم الكثير من الطلبة السوريين التسجيل في تخصصات جامعية ضمن كليات الهندسة والطب والصيدلة على الرغم من حصولهم على معدلات عالية في شهادة “التوجيهي” وهو حال الطالب عمر الحريري ابن محافظة درعا، الذي انتهى به المطاف لاختيار تخصص إدارة الأعمال ضمن جامعة جدارا الأردنية بحصوله على مقعد من منحة “دافي” على الرغم من أن معدله في التوجيهي تجاوز 91% في الفرع العلمي.

وكان الحريري نجح في التوجيهي منذ العام الفائت 2020 ولكن محدودية الفرص لدى المنح التعليمية حالت دون حصوله على مقعد ضمن منحة دافي أو إيديو سيريا، إلى جانب عدم قدرته على تأمين رسوم التسجيل في الجامعة، خاصة وأن لا معيل لعائلته غيره ولا يوجد مصدر دخل ثابت لها منذ استشهاد والده قبل عدة سنوات بقصف النظام في درعا.

بينما اشترطت هذا العام، منحة إيديو سيريا، التي تتكفل بدراسة الطلبة ضمن جامعة الزرقاء الخاصة تحديدًا، أن يكون مقدمو طلبات الحصول على منحتها الجامعية مقيمين في مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن (الزعتري والأزرق).

وصرّح حسام العرفي، محامي معني بشؤون الطلبة السوريين في الأردن، لتجمع أحرار حوران، إنّ المنح المتبقية وضعت العديد من الشروط الصعبة التي قللت من عدد الطلاب المقبولين فيها، وهذا بسبب ضعف الدعم المالي الذي تتلقاه هذه المنح التعليمية.

ويأمل العرفي أن تنظر المنظمات والجهات المعنية بعين الانسانية إلى الطلاب السوريين اللاجئين، وأن لا يتم إقصاء أحلامهم  في دراسة ما يرغبون، فقط لأنهم لاجئين.

اقرأ أيضًا.. طلاب سوريون بآمال ضئيلة في التعليم الجامعي بعد الثانوية في الأردن

مناشدات لتوفير المنح

ناشد نشطاء وفنانون وطلبة سوريون المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي لزيادة عدد المنح الدراسية الجامعية المقدمة للطلبة السوريين في الأردن ودعمها بشكل أكبر.

ونشر الفنان السوري “عبدالحكيم قطيفان” عبر صفحته على فيسبوك، “أتوجه للجميع بهذا النداء الإنساني والوطني والأخلاقي، وهو برسم أهلنا الشرفاء من أخوتنا الأردنيين والاتحاد الأوروبي، ومنظمة اليونسكو للثقافة والتعليم، ولكافة المؤسسات والمنظمات المعنية، وإلى مؤسسات المعارضة الرسمية وحكومتها، والإعلاميون ومنصاتهم المرئية والمسموعة والمكتوبة، وأخيراً للطيبين أصحاب الخير والعطاء والأيادي البيضاء”.

من جانبه دعا المحامي حسام العرفي، المنظمات الدولية التعليمية والاتحاد الأوروبي لزيادة عدد المنح الجامعية لتمكّن أكبر عدد ممكن من الطلبة السوريين البدء بتعليمهم الجامعي أو إكماله، مشيرًا أن عدد الطلبة الذين تعطّل تعليمهم عند المرحلة الجامعية يزداد مع تراكم السنوات منذ عام 2018.

ويتقدم لامتحان شهادة الثانوية العامة الأردنية حوالي 5000 طالب وطالبة من اللاجئين السوريين سنويًا، لا يحصل إلا عدد ضئيل جدًا منهم على منح دراسية وعدد قليل من الطلاب يحاولون إكمال دراستهم على حساب أسرهم أو بمنح جزئية لكن معظمهم يعانون من ظروف اقتصادية صعبة خلال هذه المرحلة بسبب التكاليف الباهظة للدراسة الجامعية في الأردن.

منح محدودة وأخرى غائبة

إلى جانب أن بعض هذه المنح لا تغطي تكاليف دراسات معينة مثل الطب وتخصصات الهندسة، توقفت العديد من المنظمات عن تقديم منح دراسية جامعية في الأردن للطلبة السوريين منذ عام 2018.

ومثال عليها منظمة “كرم” التعليمية، ومقرها في تركيا، والتي توقفت عن تقديم المنح لعدد من الطلاب السوريين في الأردن منذ أيّار/مايو 2019 بحجة انخفاض التبرعات والمنح المالية المقدمة للمنظمات الداعمة للاجئين السوريين، واكتفت بإكمال تعليم من تكفّلت بهم عام 2018 أو قبل ذلك.

في حين كانت تقدم جمعيات ومنظمات أخرى في الأردن منح تعليمية لعدد محدود من الطلبة الراغبين بإكمال تعليمهم العالي، توقفت معظمها ومن بينها منح لم تستطع تغطية السنوات المتبقية مع الطلبة الذين قبلتهم مسبقًا وهو ما عطّل دراستهم الجامعية ومنهم من لم يستطع إكمالها بعد قضاء عام جامعي أو أكثر ضمن المنحة.

وبالتالي فإن محدودية المنح المقدمة للطلاب السوريين في الأردن من جهة، وتوقف بعض المنظمات عن تقديم منح جديدة من جهة ثانية، سيخلق أزمة أو تحد صعب أمام العدد الكبير من الطلاب السوريين الذين اجتازوا امتحان الشهادة الثانوية العامة “التوجيهي” لعام 2020/2021، وسيضعهم أمام مصير مجهول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى