تقاريرتقارير ميدانية

درعا والموت تحت التعذيب.. التسويات القاتلة

تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني

لا يزال الموت نتيجة التعذيب، أو الإعدام خارج نطاق القانون في سوريا للمعتقلين على خلفية الثورة السورية ومعارضة النظام السوري هو السائد على الرغم من كل التقارير التي فضحت أجهزة النظام الأمنية، وسجونه وعلى رأسها سجن صيدنايا العسكري، ومحكمته الميدانية التي أغلقها مؤخرًا استجابة للمبادرة العربية.

معتقلون من درعا قتلوا تحت التعذيب مجددًا

يوم الأحد الماضي، وثق تجمع أحرار حوران، مقتل الشاب جمال ممدوح العبيد، من مدينة جاسم، تحت التعذيب في سجن صيدنايا العسكري بعد اعتقال دام نحو خمس سنوات.

معلومات حصل عليها التجمع، تؤكد أن العبيد عسكري منشق، خضع للتسوية عام 2018 ومن المفروض أنه التحق بالخدمة العسكرية مجددًا، إلا أنه اعتقل في ذات العام الذي أجرى به التسوية ونُقل إلى سجن صيدنايا العسكري، وكانت والدته قد زارته مرتين في السجن آخرها عام 2021.

بعدها انقطع تواصل ذوي العبيد معه، ليتم إبلاغ ذويه أنه فارق الحياة، وسلّموهم شهادة وفاة دون تسليم الجثة.

أيضًا، في بلدة اليادودة، دفن اليوم الثلاثاء 28 تشرين الثاني، الشاب محمد إبراهيم خنيفس، من مخيم بلدة اليادودة، بعد أن استلم ذووه جثته من فرع الشرطة العسكرية في القابون بدمشق، بعد اعتقال دام ثلاثة أشهر.

خنيفس عسكري منشق، كان يقيم في دمشق، تم الإبلاغ عنه للشرطة العسكرية، وتم اعتقاله وبحسب مصدر قريب من ذويه فقد بقي مدة الأشهر الثلاثة في الشرطة العسكرية في دمشق، ليتم إبلاغهم يوم أمس الإثنين 27 تشرين الثاني بوفاة ابنهم في السجن، أي أنه قتل نتيجة التعذيب أيضًا.

مكتب التوثيق في تجمع أحرار حوران، استطاع إحصاء 12 معتقلاً من أبناء محافظة درعا قتلوا نتيجة التعذيب في سجن صينايا العسكري منذ مطلع العام الحالي، على الرغم من ادعاءات النظام أن المحافظة تحت سيطرته، وعلى الرغم من المراسيم التشريعية التي تتضمن قوانين عفو رئاسي، آخرها مرسوم العفو رقم 36 لعام 2023، والذي صدر قبل أيام، وركز بشكل خاص على ما أسماه جرائم “الفرار” الخارجي والداخلي، أي إعفاء المنشقين العسكريين والفارّين من الخدمة من أي عقوبات.

اقرأ أيضًا.. مرسوم العفو… شمل أصحاب السوابق واستثنى المعتقلين

لا قوانين مطبقة والقضاء العسكري شريك في الجريمة

في الثالث من أيلول الماضي، أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، المرسوم التشريعي رقم 32 لعام 2023، القاضي بإلغاء “محاكم الميدان العسكرية”؛ عَبْر إنهاء العمل بالمرسوم التشريعي رقم 109 لعام 1968 وتعديلاته، الذي تم إصداره بعد وصول حزب البعث إلى السلطة بانقلاب عسكري.

المرسوم المُلغى 109 كان يتسم بشمولية كبيرة، ويمنح صلاحيات واسعة لوزير الدفاع، ويمنح السرية للمحاكم الميدانية حيث لا يحق لمن يمثل أمامها أن يقوم بتوكيل محام، وهي في الأصل لا تخضع لمبادى التقاضي الرئيسية وهي:

1. ضمانات إلقاء القبض “الاعتقال”.
2. ضمانات الاستماع والاستنطاق “التحقيق”.
3. ضمانات الحجز والتفتيش.
4.مدة الحراسة النظرية والتدابير الاحترازية.
5. أن تكون المحكمة مختصة وغير استثنائية وأن تكون مستقلة ومحايدة.
6. علنية المحاكمات وشفوية المرافعات.
7. الأصل هو براءة المتهم حتى تثبت إدانته.
8. أن تكون هناك آجال ومدد محددة للبت في القضايا.
9. أن يكون هناك محامون للدفاع عن المتهمين، وهي أبسط الحقوق.
10. وجود عدة درجات للتقاضي، بحيث لا يصدر القرار من محكمة واحدة بشكل مبرم، إضافة إلى اتباع مبدأ عدم رجعية القوانين في المحاكمات.

لكن وعلى الرغم من إلغاء المحكمة الميدانية، أي أنه من المفروض تحويل القضايا العسكرية كافة للقضاء العسكري ووجوب تطبيق البنود أعلاه من حيث المبدأ إلا أنه في الواقع لم يتغير أي شيء.

فقد نقل النظام بالمرسوم الجديد صلاحيات المحكمة الميدانية لوزير الدفاع وللقضاء العسكري، حيث أن القضايا تُقدَّم إلى المحاكم الميدانية العسكرية بطلب من وزير الدفاع، والتي تُحال إليه بناء على اقتراح من أحد الأفرع الأمنية، أو القضاء العسكري، كما يقرر القضاء العسكري من جهة أخرى طابع السرية على بعض القضايا.

أيضًا يستطيع النظام توجيه القضايا حتى الآن بالشكل الذي يرغب به، وترغب به أجهزته الأمنية،  فقانون العقوبات وأصول المحاكمات العسكرية في سورية ينصّ على عدم قيام القضاء المدني ببتّ القضية إلا بعد أن ينتهي القضاء العسكري من الحكم فيها، هذا بحال التنازع على الاختصاص بين الجهازين، وعليه فإن القضاء العسكري سيعمل على توجيه القضايا المُحالة إليه من الأجهزة الأمنية بما يتناسب مع الرغبة غير المعلنة لتلك الأجهزة.

وأكدت العديد من المصادر أن النظام بعد صدور مرسوم إلغاء المحكمة الميدانية، قام بإتلاف كافة السجلات المتعلقة بالمحكمة، وكافة قوائم الأسماء للمعتقلين الذين مثلوا أمامها وقتل معظمهم إما نتيجة التعذيب أو الإعدام الميداني، أو حتى المرض في أقبية سجن صيدنايا العسكري.

اقرأ أيضًا.. درعا: بين رافضٍ للالتحاق وآخر راضخ للواقع.. تخوّفات لدى المنشقين من العودة للخدمة العسكرية

حتى الآن لا يزال النظام يمارس انتهاكاته في السجون وفي مراكز الاحتجاز سواء القانونية وغير القانونية، وسط جمود دولي من المنظمات القانونية الأممية والدول الفاعلة في وضع حد لممارسات ترقى لجرائم ضد الإنسانية بحق المعتقلين في سوريا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى