تقاريرتقارير ميدانية

اجتماعات في قاعدة العمر وفصيل جديد في السويداء.. تقسيم أم لامركزية؟

تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني

الحرب على غزة، ليست حرباً عبثية أو ردة فعل فقط لما قامت به كتائب القسام في السابع من تشرين الأول الفائت، هي حرب تشكل نقطة البداية لإعادة تقسيم المنطقة وفق رؤية “الشرق الأوسط الجديد”، والتي تقوم على مبدأ تجزئة المجزأ، وتفتيت المفتت، لتغدو إسرائيل القوة الأولى في المنطقة دون منازع، وهذا ما دفع إسرائيل، ربما لغض النظر على السماح بما قامت به حماس في تشرين الأول، أو تعطيل جدار ما يعرف بـ”غلاف غزة” والذي كان يعطي إنذارًا لمجرد اقتراب طير منه، فكيف الحال بنحو 500 مقاتل وطائرات مظلية، وهذا السؤال الذي يتردد كثيرُا في أوساط التحليل السياسي والاستراتيجي.

قبل أكثر من عشرين سنة، وفي تحقيق مصور لقناة الجزيرة، حول أحداث الحادي عشر من أيلول في الولايات المتحدة الأميركية، وخلال مرور خاطفي الطائرات التي استهدفت أبراج مركز التجارة العالمي، والبنتاغون، التقطت إحدى كاميرات المطار أحد أكثر المطلوبين آنذاك للولايات المتحدة من أعضاء القاعدة، ويدعى “خالد المحضار”.

لكن “إف بي آي” غضت النظر وعبر من جهاز التفتيش الإلكتروني على الرغم من أنه كان يحمل أسلحة بيضاء وصعد بها إلى الطائرة، وهذا ما دفع الكثير من المحللين آنذاك إلى الاعتقاد بأنه سُمِحَ لهؤلاء بتنفيذ العملية لتكون ذريعة لإسقاط دول كاملة واحتلالها، والبدء في تغييرات آن أوانها.

سوريا والتي هي حاليًا موضع نزاع متعدد الأطراف، تبدو كأنها منطلق التغيير في المنطقة، إذ أن الدمار التي وصلت إليه، والتفكك المتعدد النواحي، سياسيًا، اقتصاديًا، اجتماعيًا، فكريًا، وعسكريًا، كان تهيئة لأرضية تغيير ستشمل المنطقة بأسرها.

المنطقة الممتدة من أقصى شمال شرق سوريا، وحتى القنيطرة بعمق لا يقل عن 50 كم هي الحد الفاصل الجديد لدول الشرق، وهي المنطقة الأغنى في ثروات النفط، الغاز، السيليكون، وهي منطقة الممرات التي تربط أقصى الشرق بدول حوض شرق المتوسط أي “المياه الدافئة”.

اجتماع قاعدة العمر

قبل أيام، جرى اجتماع في قاعدة العمر الأميركية، الواقعة قرب حقل العمر النفطي، في الحسكة السورية، ضم بحسب المعلومات، ضباطًا أميركيين، وقيادات من قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وشخصيات من العشائر العربية، وأجهزة استخبارات إقليمية، وهناك أنباء عن حضور شخصيات من الجنوب السوري لم يُكشف عنها.

المعلومات التي تم تسريبها من الاجتماع تشير إلى وجود خطة لتشكيل قوة من العشائر العربية، تكون على اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية، وعلى تنسيق مع جيش سوريا الحرة في التنف، ومع الجنوب السوري، لتشكيل جبهة موحدة لمواجهة إيران، وكبح جماح تمددها في سوريا، وإغلاق كل المعابر السورية في وجهها.

المنطقة التي من المفترض السيطرة عليها تمتد من الحسكة إلى كامل الجنوب السوري، وسبق أن نشر تجمع أحرار حوران، تقريراً مفصلاً قبل نحو شهر عما أُطلق عليه اسم “ممر ديفيد”، ومن الواضح أن هذا الاجتماع يأتي في سياق هذه الخطة.

“هذا الممر الذي سيقتطع جزءاً كبيراً من سوريا بشكلها الحالي، يقوم على نظرية “إطار الأرض” التي وضعها أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “بيل”، نيكولاس سبيكمان، في أربعينيات القرن الماضي، والتي تعتمد على فكرة الجغرافيا السياسية للتحكم بالعالم، وتقوم هذه النظرية على فكرة أنه من يحكم منطقة الحافة يحكم أوراسيا ويتحكم بمصير العالم، وهو ما تسعى إليه الولايات المتحدة بالتحكم بمصير العالم في القرن القادم”.

فصيل جديد في السويداء!

كشف مصدر خاص لـ”تجمع أحرار حوران”، أنه تم قبل أيام تشكيل فصيل جديد في السويداء، أُطلق عليه اسم “قوات التدخل السريع”، وهو فصيل مدعوم من قاعدة التنف، بحسب المصدر المرتبط بالفصيل، وأكد أن الفصيل تمت مباركته من شخصيات مرجعية في السويداء.

المصدر أكد أن الفصيل جاء تشكيله بعد خيبة الأمل من الواقع السيء سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا في السويداء، ومبينًا أن الوقت حان لإيجاد حل نهائي للمأساة السورية حتى وإن كان ذلك على أجزاء.

أيضًا أوضح المصدر أنه ليس هناك مهرب من تطبيق نظام اللامركزية السياسية في معظم المناطق السورية، عل الرغم من رفض الفكرة من البعض، إلا أن أفق الحل بات مسدودًا، نتيجة فشل الجهود الأممية، والمبعوث الأممي الخاص، واللجنة الدستورية نتيجة تعنت النظام السوري والروس وإيران بفرض حلول تناسب مقاسهم.

وحول ما يجري من مبادرات سياسية، ومؤتمرات في دول أوروبية، بين المصدر أن الشعب السوري “شبع” من هذه الاجتماعات التي تقوم في الأصل على تكرار مبادرات سابقة ولكن بعمليات تجميلية تظهرها بمظهر مختلف فقط.

من جهة ثانية، سبق تشكيل فصيل “التدخل السريع” في السويداء، تشكيل يضم العشرات من أبناء عشائر البدو، من اللجاة بريف درعا، وريف السويداء، ولكن لا يرتبط بأي جهة كانت، حيث أعلن البيان الذي سبق ونشره “تجمع أحرار حوران” في وقت سابق، أن الفصيل يعمل وفق مبادىء الثورة السورية، ولتحقيق أهدافها، ورفع الظلم عن السوريين، ومكافحة الفساد والجريمة بكل أنواعها في الجنوب السوري.

أما على جانب النظام، فمنذ بدء الحرب على غزة، لم يقم بأي تحركات أو أعمال من شأنها إظهاره بمظهر المسيطر على الدولة السورية، فهو رهينة بيد إيران وروسيا والميليشيات الإيرانية التي باتت تسيطر على مفاصل الحكم، سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، وهو ما أظهر الترهل الشديد للأسد، وما سيؤدي بالنتيجة إلى تنفيذ المشاريع المتعلقة بسوريا سواء رغب أم لم يرغب، مع عدم استبعاد إنهاء خدماته في الوقت المناسب لإنهائها وهو ما يبدو بات يقترب رويدًا رويدًا.

مخططات كبيرة، أكبر مما يتصور غالبية أبناء المنطقة، فعشرات السفن وحاملات الطائرات والأساطيل والغواصات النووية وأحدث القاذفات، لم تصل إلى المنطقة من أجل الحرب على غزة، ولم تشارك فعليا في الهجمات على غزة، ليبقى السؤال الكبير بحجمها: هل دفعت هذه الدول تكاليف تجهيز هذه الأساطيل والقوات التي تمركزت في المنطقة لتعود خاوية الوفاض؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى