تقاريرتقارير ميدانية

بين تهريب المخدرات والعمليات الأمنية.. الطائرات المسيرة وسيلة النظام الجديدة

تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني

أصبحت الطائرات المسيرة اليوم السلاح الأبرز في العمليات العسكرية الدقيقة عالميًا، حيث أثبت هذا السلاح فعاليته الكبيرة في العديد من المناطق، خاصة في الحرب الروسية في أوكرانيا، والعمليات الغربية ضد أهداف محددة لتنظيم “داعش” وغيرها.

في سوريا بدأ النظام مؤخرًا باللجوء إلى الطائرات المسيرة سواء ذات الاستعمال العسكري كالطائرات الإيرانية المسيرة، وتلك التي تستخدم لأغراض التصوير المدني، لكن استخدام النظام يختلف إلى حدا ما عن بقية الدول أو المجموعات، ما يدعو للتساؤل حول ما إذا كان النظام قد بدأ نهجًا جديدًا في استخدام إحدى أحدث التقنيات.

الدرون لتهريب المخدرات

لم يكن استخدام النظام للمسيرات الصغيرة التي تُعرف بـ”الدرون” في تهريب المخدرات أمرًا جديدًا، فمنذ عملية التسوية في الجنوب السوري نهاية تموز 2018، بدأ استخدامها في عمليات تهريب أنواع مختلفة من المخدرات للأردن، كإحدى وسائل التهريب المتبعة، وعلى رأسها مادتي الكوائين والكريستال مرتفعتي الثمن، إضافة لتهريب بعض الأسلحة الخفيفة والذخيرة.

إلا أنه ومنذ مقتل مهرب المخدرات مرعي الرمثان، في الثامن من أيّار/مايو الماضي، بغارة جوية أردنية، وانخفاض مستوى عمليات التهريب برًا، بدأ استخدام طائرات الدرون على نطاق أوسع ومن مناطق مختلفة على الحدود السورية الأردنية والتي يبلغ طولها نحو 375 كم.

وخلال حزيران/يونيو الفائت، تمكنت السلطات الأردنية المختصة عسكريًا وأمنيًا من إسقاط ثلاث طائرات مسيّرة، كانت قد عبرت الحدود من سوريا، اثنتين كانتا محملة بحبوب الكبتاغون، والثالثة محملة بقطع لبعض الأسلحة، وسبق ذلك في شهر شباط الماضي أن تمكنت الأجهزة الأردنية من إسقاط طائرة تحمل قنابل يدوية وبندقية.

لكن في مقابل ذلك، فإن عمليات التهريب بهذه الوسيلة لم تتوقف، فبحسب المعلومات التي حصل عليها “تجمع أحرار حوران” خلال الفترة السابقة، فإن العديد من مهربي المخدرات المرتبطين بالنظام السوري وحزب الله اللبناني، يقومون باستخدام المسيرات في عمليات التهريب من محافظتي السويداء ودرعا.

مصدر مطلع أكد لـ”التجمع” أن المهربين يلجأون لهذه المسيرات بسبب صغر حجمها، وسهولة التحكم بها وعدم حاجتها لدورات طويلة لتعلم كيفية استخدامها، إضافة إلى ثمنها المنخفض والذي لا يتجاوز الـ 1000 دولار للطائرة القادرة على حمل السلاح أو مخدرات بكمية يصل وزنها إلى نحو 15 كغ.

مسيرات إيرانية للقتل والتدمير في درعا

تعتبر إيران من الدول القليلة في العالم التي تمتلك تقنيات متطورة في الطائرات المسيرة التي تستعمل لأغراض عسكرية وأمنية، وقد استطاعات خلال العقود الماضية تطوير العديد من هذه الطائرات واستخدامها في مناطق مختلفة وتصديرها إلى دول من بينها روسيا وسوريا التي استطاعت إيران افتتاح أكثر من معمل فيها لتجميع هذه الطائرات.

بدأ النظام السوري مؤخرًا باللجوء لهذه الطائرات في عمليات أمنية في محافظة درعا، وبشكل خاص في مدينة طفس، وبلدة اليادودة، ففي مطلع الشهر الجاري استهدفت مسيرة إيرانية الصنع منازل أحد المطلوبين “بحسب النظام” في بلدة اليادودة بريف درعا الغربي، دون وقوع خسائر بشرية.

وفي العاشر من الشهر الجاري، استهدفت مسيرة تابعة للنظام أيضًا منزل محمد بديوي الزعبي، شقيق القيادي السابق في فصائل المعارضة، خلدون بديوي الزعبي، الذي قُتل في عملية اغتيال بتاريخ 25 آب من العام الماضي 2022، في منطقة المفطرة بين بلدة اليادودة وضاحية مدينة درعا، دون وقوع خسائر بشرية.

مصدر لـ”تجمع أحرار حوران”، أكد أن إيران قامت بنقل العديد من الطائرات المسيرة ذات الاستخدام المزدوج، بالمراقبة والقصف إلى محافظة درعا، وقامت بتدريب ضباط وعناصر من قوات النظام السوري المرتبطة بها عليها خلال الفترة الماضية، لتكون السلاح الجديد للنظام في المحافظة.

ويشير المصدر إلى خطورة هذه الطائرات التي تكمن في قدرتها على الاستهداف المنازل بدقة، واستهداف الأشخاص خلال تنقلهم بالمركبات أو الدراجات النارية، مبينا إلى أن صوتها منخفض نسبيًا وهو ما يؤدي إلى عدم معرفة وجودها في المنطقة المستهدفة إلا قبيل تنفيذ الاستهداف.

وأوضح المصدر أنه يجري التعديل على بعض الطائرات المسيّرة في الفرقة الخامسة بمدينة ازرع، من قبل مهندسين وضباط يتبعون للنظام السوري وميليشيا حزب الله اللبناني.

أما حول كيفية تحديد الأهداف على الأرض، فهناك طريقتين يلجأ إليهما النظام، الأول عبر خرائط الـ”جي بي أس” من خلال العملاء الموزعين في المدن والبلدات، ومن خلال الأسلوب القديم برمي شرائح إلكترونية في النقاط المستهدفة.

ويحاول النظام من خلال تنفيذ مثل هذه العمليات تقديم إثباتات للدول العربية أنه جاد في عملية مكافحة المجموعات المسلحة ومكافحة المخدرات، بعد التعهدات التي قطعها في اجتماع عمّان التشاوري والجامعة العربية وبعد ذلك في القمة العربية الأخيرة في جدة.

مجموعات النظام المحلية.. الخطر الأكبر

منذ العام 2018 بدأ النظام السوري يعتمد بشكل واسع النطاق على مجموعات محلية، سبق وأن كانت ضمن فصائل المعارضة وانتسبت لاحقًا للأمن العسكري والمخابرات الجوية، في تنفيذ عمليات المداهمة والاعتقال والقتل.

اقرأ أيضًا .. درعا : كيف وظّف النظام قيادات في الثورة لخدمة مصالحه؟

ففي العملية العسكرية الأخيرة التي شنها النظام على مدينة طفس، اعتمد بشكل كبير على مجموعة الأمن العسكري التي يقودها القيادي السابق في المعارضة، مصطفى المسالمة (الكسم)، إضافة لمجموعات أخرى، والتي نفذت عمليات تدمير ممنهج لعدد من المنازل في السهول الجنوبية لمدينة طفس، وعلى رأسها منزل القيادي السابق خلدون بديوي الزعبي.

اقرأ أيضًا.. ميليشيا الكسم بيدق بيد “الأمن العسكري” في درعا

كما تشير بعض المعلومات إلى أن هذه المجموعات والخلايا التابعة لها، تعمل على تحديد الأهداف بالنسبة للطائرات المسيرة، إضافة إلى عمليات رصد ومراقبة المعارضين ثم اغتيالهم، وقد تم توثيق العديد من عمليات الاغتيال، والاعتقال التي نفذتها مجموعات الكسم واللحام وأبو زريق خلال الفترة الماضية.

لا يبدو أن الأوضاع في محافظة درعا تسير نحو الاستقرار كما يصور النظام وإعلامه ومسؤولوه في المحافظة، فمن المؤكد أن هناك تيارًا هو المسيطر في المحافظة على ارتباط وثيق بإيران وميليشياتها لا يرغب بأن يعم الهدوء في الجنوب وهو ما سيكون بمثابة ضربة كبيرة للمشروع الإيراني المجاور للأردن والسعودية ودول الخليج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى