تقاريرتقارير ميدانية

إيران في درعا.. اللعب على المكشوف

تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني

لم تكن عملية اغتيال القيادي في المعارضة السورية، مساء الخميس 25 آب/أغسطس، خلدون بديوي الزعبي، مصادفة أو ما يعرف بالعلوم العسكرية “الهدف الفرصة”، إنما عملية ممنهجة بدأت بالتسارع مؤخرًا، وتركزت منذ الحصار الذي فُرض على مدينة طفس نهاية شهر تموز/يوليو الفائت، وتبعها اغتيال الشيخ فادي العاسمي، أبرز رجال الثورة في ريف درعا الغربي، ومن المناهضين للمشروع الإيراني في درعا، وتبعها “كما كان متوقعًا” اغتيال خلدون الزعبي الذي كان قادرًا على الحفاظ على تماسك طفس أبرز مدن حوران وقوفًا في وجه النظام.

تصفيات نوعية!
مع تسارع المشروع الإيراني في السيطرة على محافظة درعا، كان تصاعد عمليات الاغتيال لشخصيات محددة أمرًا متوقعًا، فعمليتي الاغتيال الأخيرتين، للشيخ فادي العاسمي، وللقيادي خلدون الزعبي تثبت صحة الفرضية التي تقول، أن إيران ترغب بتصفية من تعتقد أنه سيقف في وجه تمددها، خاصة أنها تدخل مرحلة جديدة من خلال زيادة عدد قواتها والسعي لإنشاء قاعدة عسكرية كبيرة شبيهة بتلك الموجودة في منطقة عين علي قرب محافظة دير الزور.

اقرأ أيضاً.. حاكم درعا وشركاؤه !

وبحسب العديد من المعطيات التي قام “تجمع أحرار حوران” بتحليلها خلال الأيام الماضية فإن عمليات الاغتيال سوف تستمر، كما ستتحول في بعضها من عمليات ينفذها مجهولون إلى عمليات ينفذها معلومون وبشكل يوحي بأنّ اللعب بات على “المكشوف”.

التمهيد للسيطرة العلنية
تعمل إيران وفق مبدأ القضم البطيء، وتحيك سياستها كما تحيك ورشاتها “السجاد الإيراني” المعروف، ففي درعا تعمل على اغتيال الشخصيات التي تراها لن تنحني لطلباتها وفي الوقت نفسه تعمل على تفريق الكلمة الواحدة، حيث بلغت الاغتيالات أشدها في الريف، وضغطت من خلال ذراعها في الأمن العسكري على حل أبرز اللجان المركزية وهي لجنة درعا البلد التي استطاعت إدارة الأزمة والحصار قبل عام كامل بنجاح كبير وبأقل الخسائر، لتبقى درعا البلد متفرقة ولكل عائلة منها حرية التصرف في تعاملها مع ما هو قادم.

وبضرب كل من درعا البلد وطفس، استطاعت إيران ضرب أحد أبرز مراكز القوة في حوران واللتان طالما وقفتا في وجه المشروع التوسعي.

مرحلة القواعد الإيرانية
منذ مطلع حزيران/يونيو الفائت بدأت إيران بنقل قوات تابعة لها من الميليشيات غير السورية إلى محافظة درعا، وعلى رأسها ميليشيا فاطميون الأفغانية، وتعتبر هذه الميليشيا رأس حربة للحرس الثوري وفيلق القدس الإيراني في سوريا، نظرًا للشراسة في القتال والقتل الذي تتمتع بها.

فاطميون ميليشيا شيعية ينحدر عناصرها من ولاية “هيرات” غرب أفغانستان وهم من قبائل الهزارة الشيعية الذين يعيشون على الحدود الإيرانية، ومعظمهم لجأ إلى إيران خلال سيطرة طالبان الأولى على أفغانستان عام 1996، وفي إيران تم تدريب هؤلاء العناصر وشحنهم طائفيا ليتحولوا إلى سفاحين تستخدمهم طهران في المهمات القذرة دون أن تكون لهم سجلات رسمية لدى وزارة الدفاع الإيرانية كما هو حال ميليشيا “فاغنر” الروسية.

وفي هذا السياق، أشار تقرير لصحيفة “القبس” الكويتية، يوم الثلاثاء الفائت، نقلاً عن مصادر مطلعة داخل إيران، أن طهران أرسلت أخيرًا وحدات جديدة من فيلق القدس “الجناح الخارجي للحرس الثوري” إلى الحدود السورية الأردنية، وهي بصدد إنشاء قاعدة كبيرة بدلاً من النقاط الصغيرة التي تستخدم من قبل ميليشياتها في المنطقة.

وبحسب الصحيفة، فإن الحرس الثوري أرسل ثلاث وحدات جديدة من لواء “فاطميون” بزعامة القيادي في الميليشيات الأفغانية “حكمت الله هراتي”، وصلت مؤخرًا من طهران إلى دمشق ثم إلى مدينة درعا جنوبي سوريا، وقد أُرسلت تحديداً للاستقرار والانتشار على الحدود السورية – الأردنية بعد أن تم تدريبها، في معسكرات تابعة للحرس الثوري جنوب شرق طهران، على استخدام صواريخ قصيرة المدى والطائرات المسيّرة، وهي مجهزة عسكريًا أكثر من الميليشيات الإيرانية المتمركزة في دمشق.

وأشارت المصادر الإيرانية إلى أن الحرس الثوري أنشأ قيادة جديدة لإدارة المنطقة السورية الجنوبية، وتولت هذه القيادة مهامها الأسبوع الماضي بعد أن استكملت الوحدات الأفغانية انتشارها على طول النقاط الحدودية مع الأردن.

اقرأ أيضاً.. صحيفة عربية: قاعدة إيرانية جديدة بالقرب من الحدود الأردنية

وأوضحت المصادر الايرانية، أن الحرس الثوري أطلق اسم “مالك الأشتر” على القاعدة الجديدة التي بدأ استكمال بنائها وإنشائها في ريف درعا، مبينة أن عدد عناصر ميليشيات “فاطميون” الذين نقلوا إلى الحدود السورية – الأردنية يبلغ نحو 350 عنصرًا إضافة إلى ضباط وكوادر للحرس الثوري. وتريد إيران الاستقرار لفترة طويلة هناك، وأكدت المصادر أن عائلات عناصر لواء “فاطميون”، التحقت بهم بعد وصولهم الى درعا.

ونقلت الصحيفة عن المصادر الإيرانية، أن طهران تخطط للاستثمار في المنطقة الجنوبية من سوريا، وإنشاء قاعدة “مالك الأشتر” في درعا هو في جزء حماية الشركات الإيرانية من هجمات قد تشنها فصائل المعارضة السورية، إضافة إلى إنشاء نقطة مركزية ثابتة في الجنوب لإحكام السيطرة على مثلث درعا ـ القنيطرة ـ دمشق.

وبحسب معلومات “تجمع أحرار حوران” فإن قاعدة مثلث الموت التي تتبع لميليشيا فاطميون موجودة منذ العام 2014، حيث أسسها القائد السابق لفيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ولكن ماتسعى إليه إيران الآن هو قاعدة مجاورة للحدود الأردنية، ومن المرشح أن تكون قاعدة الدفاع الجوي قرب درعا البلد هي المستهدفة، نظرًا لسيطرة الميليشيات عليها قبل عدة أشهر، وطرد كل المنتسبين المحلين للأجهزة الأمنية منها.

وبحسب خبراء لـ”تجمع أحرار حوران”، فإنه بمجرد إتمام إنشاء القواعد الإيرانية في محافظة درعا، فإن إيران ستنتقل لتنفيذ عملياتها ضد المعارضين والمناطق المعارضة بالاعتماد على مقاتليها الأجانب والمحليين، بشكل رئيسي، مدللين على ذلك بقيام قوات العرين التابعة للحرس الثوري الإيراني بالمشاركة في الحصار الأخير على مدينة طفس.

وبحسب معلومات أيضًا، فقد بدأت عناصر فاطميون بالتمركز منذ أيام في ضاحية مدينة درعا، في مركز القيادة التابع لكل من قوات الغيث التابعة للفرقة الرابعة وقوات أسود العراق الطائفية، تمهيدًا للانتقال للقاعدة الجديدة والتي يُعتقد أنها ستكون قاعدة الدفاع الجوي قرب درعا البلد، وهذا ما يفسر تواجدهم في ضاحية درعا.

اقرأ أيضاً.. الثقوب الإيرانية السوداء في درعا.. من الاقتحام للاخفاء والقتل!

من الواضح أن الأوضاع في درعا بدأت تتخذ اتجاها آخر مبني على خطورة كبيرة تستهدف المحافظة في بنيتها وتركيبتها الاجتماعية والدينية من جهة، كما تستهدف الدول المجاورة على الحدود الجنوبية لسوريا فيما تسعى إيران لجعل درعا رأس الحربة في وجه الأردن والخليج العربي والسعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى