تقاريرتقارير ميدانية

درعا: عملية اغتيال تكشف ارتباط “داعش” بإيران

تجمع أحرار حوران – سلام عبد الله

قُتل القيادي السابق في فصائل المعارضة، كنان طالب العيد، في مسقط رأسه مدينة جاسم، مساء أمس الأحد 3 حزيران/يونيو، بعملية اغتيال نفذتها مجموعة مسلحة داهمت منزله وأطلقت النار على المتواجدين بداخله، نتج عن العملية مقتل العيد، وجرح آخر.

“العيد” كان قيادياً في فصيل “ألوية قاسيون” التابع للجيش الحر في محافظة درعا قبيل سيطرة النظام عليها منتصف عام 2018 بموجب اتفاق التسوية الذي وقعته قوات النظام مع فصائل المعارضة برعاية روسية، ثم انضوى عقب ذلك في صفوف اللواء الثامن الذي كان مدعوماً من قبل روسيا في السابق.

العملية بأوامر من قادة التنظيم
عملية الاغتيال لا تشبه العمليات التي تشهدها المنطقة، للمرة الأولى تداهم المنزل مجموعة مكونة من نحو 15 شخصاً يستقلون 7 دراجات نارية، وتطلق النار، يليها تكبير استمر قرابة 10 دقائق، بخلاف العمليات السابقة، إذ تنهي المجموعة مهمتها وتغادر المكان على وجه السرعة، خشية الاشتباك مع الأهالي أو بعض قادة المجموعات التي تعمل مع النظام.

مصادر تجمع أحرار حوران في جاسم أكدت أن العملية نفذها عناصر من تنظيم داعش المتواجدين في المنطقة، بأوامر مباشرة من قادة التنظيم، الأمر الذي يفسر إطلاق أكثر من 40 رصاصة على العيد، للتأكد من قتله قبل مغادرة المكان وتوجههم على طريق جاسم – نوى.

وجاءت العملية بحسب المصادر بعد يومين من عودة “العيد” من الإمارات، إذ غادر المنطقة منتصف شهر حزيران إلى الأردن ومنها إلى الإمارات، من دون معرفة الهدف وراء مغادرته المنطقة.

مصادر مقربة من العيد تحدثت عن نية لتشكيل جسم عسكري هدفه وقف المد الإيراني في المنطقة، وكان من المتوقع أن يكون العيد مسؤولاً عن المنطقة الشمالية الغربية من درعا في التشكيل.

وتزامنت العملية مع إرسال النظام لرتل عسكري أول أمس، أي قبل يوم واحد من اغتيال العيد، وجهته جاسم بحجة ملاحقة عناصر تنظيم داعش المتواجدين في المزارع القريبة من المنطقة، الأمر الذي اعتبره قادة في المعارضة مؤشراً على التنسيق بين الطرفين.

قادة أجانب!
توصّل تجمع أحرار حوران إلى أسماء قادة التنظيم المتواجدين في محيط جاسم وصولاً إلى القنيطرة، أبرز تلك الأسماء عبدالرحمن العراقي، أبو سالم العراقي، الشرعي أبو عمر الحمصي، والشايب أبو الليث الدرعاوي.

وانتسب للتنظيم مجموعة من أبناء المنطقة، أوكلت لهم تنفيذ عمليات الاغتيال ورصد قادة المعارضة من أبناء المنطقة ومتابعة تحركاتهم وتزويد قادة التنظيم بتقرير دورية عنها.

الهدف أبناء المنطقة!
معظم العمليات التي نفذها عناصر من التنظيم في المنطقة استهدفت معارضين للنظام، وعناصر من المجندين في جيش النظام من أبناء المنطقة كان آخر تلك العمليات، العملية التي استهدفت ثلاثة مجندين في صفوف قوات النظام من أبناء بلدة الناصرية في ريف درعا في 28 حزيران الفائت على طريق جاسم – نوى.

ولم يسجل للتنظيم عمليات استهدفت ضباط وقادة في صفوف النظام على الرغم من سهولة الوصول للحواجز الأمنية والعسكرية المتواجدة في المنطقة ما يفسر الهدف من تواجدهم، مع جهل معظم العناصر بأسماء القادة والمناطق التي قدموا منها، وطريقة دخول المنطقة.

قادة في المعارضة اعتبروا عودة التنظيم إلى المنطقة بتسهيل وتنسيق مباشر من النظام وتحديداً جهاز الأمن العسكري لإيجاد ذريعة لاقتحام المنطقة التي ينوي تنفيذ عملية عسكرية فيها والقضاء على من تبقى من معارضين فيها، واستشهد القادة بالعملية العسكرية التي سبق للنظام أن نفذها في الصنمين لتهجير أبنائها وقتل معارضيه في مطلع آذار 2020، كذلك عملية التهجير التي شهدتها بلدة ممتنة في ريف القنيطرة.

تنسيق سابق مع إيران
منتصف العام 2017 أعدم “جيش خالد بن الوليد” المبايع لتنظيم داعش، والذي كان يسيطر على منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي سبعة من قادة التنظيم، بتهمة العمالة والردة، من بين الذين أعدمهم التنظيم حينها أبو عبيدة قحطان ونضال البريدي، سرب بعض عناصر التنظيم حينها السبب وراء إعدام قحطان وهو كشف تواصله مع إيران بشكل مباشر، وتواصل البريدي مع إسرائيل لبيع قطع أثرية واستلام ثمنها من الجانب السوري المقابل للحدود مع الجولان المحتل، واعترف غالبية الذين أعدمهم التنظيم بالتهم والتنسيق مع دول كإيران، واغتيال قائد جيش خالد في وقتها “أبو هاشم الإدلبي” بأوامر إيرانية ليتسنى لقحطان تسلم قيادة الجيش خلفاً له.

ثم أصدرت قيادة جيش خالد تبرئة للذين أعدموا في محاولة لطي صفحة الخلاف، ورص الصفوف كما سرب قادة في التنظيم في تلك الفترة.

لماذا جاسم ولماذا كنان العيد؟
أجاب أهالي جاسم عن الشق الثاني من السؤال وأكد جميع من تواصلنا معهم أن كنان كان يتعامل مع ضباط النظام بندية، ولم يسبق أن قبل أوامرهم، على العكس فقد وجه لهم إهانات متعمدة أكثر من مرة، متهماً المسؤولين عن المنطقة عموماً وجاسم خصوصاً بالوقوف وراء الفوضى الأمنية التي تعيشها المنطقة.

من ناحية ثانية لم ينكر أهالي المدينة مندوب التواصل عن أهالي جاسم مع ضباط النظام السوري بهدف متابعة القضايا التي تهم المدينة، واعتبروا أن اغتياله يصب في صالح النظام في المقام الأول، إذ يحاول ضباط النظام التعامل مع المنطقة بأساليبهم التقليدية المعتادة، واستخدام القوة والحل الأمني لتحقيق غاياتهم.

ولم يستبعد قادة المعارضة أن يكون خروج العيد من سوريا فخ قد نصبه النظام لمعرفة ولاءه، وكشف تنسيقه مع بعض الدول من دون الرجوع للنظام، ما تسبب لاحقاً بمقتله.

أما السبب الذي يدفع النظام وإيران للتركيز على مدينة جاسم، فالسبب المباشر يعود لرغبة النظام في السيطرة التامة على المنطقة، التي تشكل جاسم أكبر مدنها، وفشله سابقاً في اعتقال معارضين وخسارة العشرات من عناصره في محاولة اقتحام فاشلة، إضافة لرغبة إيران في السيطرة على منطقة الجيدور بشكل كامل، بعد إحكامها السيطرة على تلال ريف دمشق الغربي والقنيطرة ومنطقة مثلث الموت بشكل شبه كامل.

ومع استمرار الرغبة الإيرانية في توسيع رقعة نفوذها، والقضاء على معارضي مشروعها تحاول خلق الحجج للتدخل في المنطقة، لعل ورقة تنظيم داعش واحدة منها.

وتشهد محافظة درعا فلتاناً أمنياً منذ سيطرة النظام وحلفائه عليها في تموز 2018، حيث لا يخلو يوم واحد من عمليات الاغتيال بحق معارضين للنظام والمشاريع الإيرانية من جهة، وعمليات استهداف بحق قوات النظام والمتعاونين مع الميليشيات الإيرانية من جهة أخرى.

وسجل مكتب توثيق الانتهاكات في تجمع أحرار حوران، 27 عملية ومحاولة اغتيال، خلال شهر حزيران/يونيو الفائت، أسفرت عن مقتل 27 شخصاً، وإصابة 10 آخرين بجروح متفاوتة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى