تقاريرتقارير ميدانية

على خلفية الاحتجاجات في إيران.. هل تسحب ميليشياتها من سوريا ؟

تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني

تقارير صحفية وآراء مختصين تداولت مؤخرًا أن الاحتجاجات التي لا تزال مستمرة في إيران، إثر قيام شرطة الأخلاق الإيرانية بقتل مهسا أميني، ستجبر طهران على الانسحاب من سوريا، خاصة أنها توسعت لتشمل عشرات المدن الإيرانية، بما فيها العاصمة طهران، ومدينة قم رمز التشدد الديني الإيراني.

وتشير هذه التقارير التي اطلع عليها “تجمع أحرار حوران” إلى أن إيران بدأت بالتحضير لسحب قواتها من سوريا ونقلها إلى المدن الإيرانية لمواجهة الاحتجاجات، ولكن في مقابل ذلك أكدت تقارير أن اعتماد إيران في قمعها للاحتجاجات بات مبنيا على ميليشيات عراقية ولبنانية، خاصة أنه ولأول مرة يشارك المكون”الفارسي” في الاحتجاجات التي تعد إحدى مطالبها إسقاط الخامنئي نفسه.

ما حقيقة الانسحابات الإيرانية؟
في نهاية الشهر الماضي، نقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، عن ضابط “كبير” في الجيش الإسرائيلي أن قوات مدعومة من إيران بدأت بالانسحاب من سوريا، جراء الضربات التي تعرضت له خلال الآونة الأخيرة.

وقال الضابط: “حزب الله والجماعات المسلحة الأخرى المدعومة من طهران شوهدت وهي تغادر المنطقة”، بعد التصعيد الأخير في الضربات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل، مضيفا أن “الانسحاب الواضح لهذه القوات من المنطقة هو نتيجة لضربات الجيش الإسرائيلي”، حسب تعبيره.

ولكن تخالف هذه الرواية تلك التي استعرضتها صحيفة “جيروزاليم بوست“، منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، متحدثة عن عمليات “تعزيز” وتثبيت موطئ قدم للإيرانيين في سوريا.

ففي الجنوب السوري، وخاصة محافظة درعا، عملت إيران على تعزيز قواتها خلال الفترة الماضية بعناصر أفغان من ميليشيا”فاطميون”، إضافة إلى إجراء بعض التنقلات للأفرع الأمنية التابعة للنظام والمرتبطة بها وعلى رأسها المخابرات الجوية، حيث قامت بنقلها لمناطق داعل وإبطع والشيخ مسكين.

معلومات حصل عليها “تجمع أحرار حوران”، فإن إيران تستهدف مبدئيًا الريفين الغربي والأوسط من المحافظة، فبعد استكمال سيطرتها على منطقة الأتستراد الدولي تسعى للسيطرة على طريق دمشق درعا القديم، والمناطق التي تقع إلى الغرب منه.

اقرأ أيضًا.. القوة الناعمة.. الوجه الآخر للتمدد الإيراني في الجنوب السوري

وبحسب المعلومات فقد تمكنت إيران من التغلغل بشكل غير مسبوق في هذه المناطق، وهذا ما يفسر الزيادة النوعية في عمليات الاغتيال في المحافظة.

أما بالنسبة للإنسحابات، فبحسب المعلومات، فإن إيران قامت بعمليات إعادة تموضع وتوزيع لقواتها، ففي الوقت الذي تعزز قواتها في منطقة مثلث الموت، وقاعدة الدفاع الجوي قرب درعا البلد، نشرت عددا من قواتها وميليشياتها ضمن القطعات العسكرية التابعة للنظام، وعلى رأسها الفرقة التاسعة، اللواء 12، وعدد من الكتائب المتفرقة، حيث يرتدي عناصر الميليشيات لباس جيش النظام.

وبحسب خبراء مختصين بالشأن الإيراني لـ”تجمع أحرار حوران” فإن إيران لن تتخلى أبدًا وتحت أي ضغط عن وجودها وتمركزها في الجنوب السوري، خاصة أن هذا الوجود يحقق لها العديد من الأهداف من بينها الضغط على إسرائيل، وإتمام مشروعها في عملية التشيع، وعمليات تصنيع وتجارة المخدرات.

ما مدى تأثير الاحتجاجات على التواجد الإيراني في سوريا؟
على الرغم من أن الاحتجاجات في إيران أربكت النظام الإيراني، إلا أنه وبحسب خبراء فهي غير قادرة على الضغط على هذا النظام لدفعه للانسحاب من سوريا، فقد اعتاد على التعامل مع هذه الظروف ويمتلك من القوة الأمنية ما يمكنه من سحقها في نهاية الأمر.

فالنظام الإيراني يعمل على توجيه الاحتجاجات لصالحه بوسائل مختلفة، من بينها الأول إظهار أن المحتجين هم عدد قليل وفئة محدودة في مقابل الغالبية من الشعب المساند للنظام، وبهذا يجعل الطرفين بمواجهة بعضهما البعض مع ترجيح كفة الطرف الداعم له، وذلك من خلال قيادة مظاهرات تؤيد النظام وتدعمه وعادة ما يستخدم فيها عناصر الباسيج وعناصر تابعة للأجهزة الأمنية وحتى من الحرس الثوري بزي مدني، وهي طريقة يسعى النظام الإيراني من خلالها لهدم ثوابت الاحتجاجات من خلال ثورتين داخليتين متضادتين، حتى تنسف واحدة منها الأخرى.

اقرأ أيضاً.. هل ستؤثر أحداث إيران على التواجد الإيراني في سوريا

وأيضًا، نسف ثوابت هذه الاحتجاجات من خلال الحديث عن مؤامرة خارجية وأن هناك هجمة غربية، وترديد شعارات الغرب الكافر والشيطان الأكبر، وأن الاحتجات تعرقل تحرير القدس، والتي لا تزال تجد رواجا لدى شريحة من الإيرانيين المؤيدين للنظام، حيث يحاول تصوير ما يجري أنه هجوم على الدولة الإيرانية القوية وعلى إنجازاتها الكبيرة ومواجهتها للكفر ودعم القضية الفلسطينية وغير ذلك من الشعارات المعروفة.

ومن هنا يرى مختصون، أن هذه الاحتجاجات لن تتسبب بالضغط على إيران للانسحاب من سوريا، فالتواجد للحرس الثوري الإيراني من “الإيرانيين”، يكاد يكون في أعداد محددة وفي نفس الوقت فإن القوات الرئيسية في قمع الاحتجاجات هي الباسيج وشرطة الأخلاق والشرطة النسائية التي دخلت على خط القمع في الاحتجاجات الأخيرة.

ومن ناحية ثانية، تعتمد إيران على تواجدها في سوريا على ميليشيات غيرإيرانية، وعلى رأسها فاطميون، زينبيون، حزب الله اللبناني، حزب الله السوري، لواء أبو الفضل العباس، إضافة للآلاف من الميليشيات المحلية التي قامت بتجنيد عناصرها.

وفي هذا السياق، يورد “تجمع أحرار حوران”، محافظة درعا والتي تخضع لسيطرة إيرانية كبيرة، كنموذج لعدم حدوث أي انسحابات إيرانية نتيجة للاجتجاجات في إيران، ففي درعا هناك تواجد رئيسي لميليشيا “فاطميون”، إضافة لعدد من العناصر والقيادات من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، كما أن الاعتماد يتم بشكل كبير على قوات النظام كالفرقة التاسعة التابعة لإيران بشكل كامل، والمخابرات الجوية والأمن العسكري، إضافة لقوات العرين “اللواء 313” وهو من القوى الضاربة لإيران في المحافظة، وقوام عناصره من أبناء المحافظة نفسها ويرتبط بشكل مباشر بالحرس الثوري الإيراني.

هل تفرط إيران بدرعا؟
يحاول النظام السوري، وبعض الجهات التي تحاول تلميع صورته الإيحاء بأن إيران بدأت بالانسحاب من المحافظة، في حين أن درعا باتت تشكل أحد أهم أعمدة اقتصاد المخدرات للإيرانيين والنظام على حد سواء.

فقد كشف “تجمع أحرار حوران”، في تقرير سابق، أن عدد مصانع الكبتاجون في الجنوب السوري يترواح بين 8 و 10 مصانع آلية ونصف آلية بقدرة إنتاجية قد تصل إلى أكثر من 10 مليون حبة شهريًا.

وبحسب التقرير، فإنه من المتوقع زيادة أعداد معامل الكبتاجون في المنطقة الجنوبية “درعا ،القنيطرة ،السويداء” لتخفيف أعباء النقل والشحن وذلك لقرب هذه المناطق من الحدود مع الأردن والتي باتت تعتبر اليوم النافذة الأولى لتهريب المخدرات إلى دول الخليج.

اقرأ أيضًا.. 7 مليارات دولار عوائد المخدرات

كما تتزايد نسب المتعاطين محلياً بشكل يومي وكذلك أعداد العاملين في التهريب خاصة في المناطق القريبة من الحدود، والتي باتت اليوم مراكز لتخزين المخدرات وتهريبها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى