أخبار

“جمعة العزة”.. وسقوط “الرهاب الأمني” مع سقوط تمثال الأسد في درعا

تجمع أحرار حوران – عاصم الزعبي – عدنان العبدالله

ما قبل الثامن عشر من شهر  آذار عام 2011، لم يكن أحد من المارة يجرؤ حتى على النظر  إلى تمثال الرئيس الأب “حافظ الأسد” المصنوع من مادة “البرونز” والمنتصب في وسط “ساحة تشرين” في مدينة درعا.

حيث كان يخيل للناس أن التمثال مسكون بروح صاحبها القادرة على قتل كل من ينظر إليه، كما قتل الآلاف في حماة وسجن تدمر، أو أنه مراقب من قبل الأجهزة الأمنية التي تنتظر رؤية نظرة غير ملائمة له ليتم اعتقال صاحبها واخفائه في السجون لأعوام.

ولكن بعد اندلاع شرارة الثورة السورية من درعا في 18 آذار 2011، تغيّر كل شيء، فقد اكتشف السوريون أن ذلك الخوف لم يكن سوى حاجز هلامي وضعه نظام الأسدين أمامهم، لتبدأ مظاهرات هي الأولى من نوعها في تاريخ سورية الحديث تطالب بتغيير حقيقي.

“جمعة العزة” في 25 آذار كانت الجمعة الثانية في مسيرة الثورة السورية، والتي خرجت فيها المظاهرات في محافظة درعا بناء على تنسيق مسبق من قبل المتظاهرين في كل مدن وبلدات حوران، وتوافد الأهالي منها للتظاهر في ساحة تشرين بدرعا المحطة بشكل سلمي، كما خرجت مظاهرة في درعا البلد، وأخرى في مدينة الصنمين إحدى أكبر مدن المحافظة.

شارك آلاف السوريين من سكان مدينة درعا بعد صلاة الجمعة في تشييع عدد من الشهداء الذين قضوا في مظاهرات سابقة شهدتها المدينة يوم الأربعاء 23 آذار، واحتشدوا في “المسجد العمري” و “مسجد أبي بكر الصديق” لحضور مراسم التشييع، وبعدها خرجوا حاملين وأغصان الزيتون وهتفوا مطالبين بالحرية، فأطلقت قوات الأمن الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع عليهم، وارتقى حينها 15 شهيداً.

وفي عصر ذات اليوم توجه المتظاهرون إلى ساحة تشرين بدرعا المحطة للاعتصام، حيث كان قسم الأمن العسكري في الصنمين قد بدأ بإطلاق النار على المتظاهرين في المدينة ليرتقي 13 شهيدًا ويصاب 45 مدنياً بجروح، وتواردت أنباء مجزرة الصنمين إلى المتظاهرين في مدينة درعا، ما أدى لاشتعال الغضب بشكل كبير، حيث لم يمض يومان على مجزرة أبناء قرى درعا قرب “دوار البريد” في المدينة والتي ارتقى فيها 65 شهيدًا قتلهم قناصة النظام المتمركزين في مقر الجيش الشعبي والمنطقة المحيطة به.

لم يكن أمام المتظاهرين إلا “رمز الرعب” في سوريا، “تمثال الأسد“، فهرع المتظاهرون إليه وقاموا بإسقاطه وتدميره معلنين حينها المطلب الأوحد “الشعب يريد إسقاط النظام “، لتنتهي بذلك حقبة من الخوف استمرت نحو 40 سنة، ليرتقي عند التمثال 7 شهداء مدنيين ممن أسقطوا التمثال.

وروى أحد الشهود على المظاهرة لـ “تجمع أحرار حوران”، فضل عدم كشف هويته “لم يكن إسقاط التمثال حدثًا عاديًا بالنسبة لنا كسوريين، فقد كان انتصارًا عظيماً بأيادي سورية، وكنا نشاهد قبل سنوات كيف جاء الغزاة بحجة تحرير الشعوب في المنطقة ليسقطوا تماثيل حكامهم بمدرعاتهم ودباباتهم، لكن نحن السوريون استطعنا أن نسقط تمثال الأسد بأيدينا، وهنا تكمن المعجزة في التعامل مع أنظمة منطقتنا التي اعتادت شعوبها على التدخل الخارجي لدعمها”.

شكّل إسقاط تمثال الأسد في” جمعة العزة” قوة استنهضت كل المدن السورية لتحذوا حذو درعا، فقد اشتدت المظاهرات في معظم المدن السورية، وشاهد العالم إسقاط تماثيل الأسد في الرقة، والرستن، وغيرها كأحجار” الدومينو” في مشهد بدا” هوليوديًا”.

عشر سنوات مرّت منذ ذلك اليوم، لم يستطع النظام محوها من ذاكرة السوريين، حتى وبعد نصبه لتمثال آخر في نفس المكان بعد سيطرته على درعا في تموز 2018، يبقى هذا التمثال مقعد ذليل، بعد أن كسر أبناء درعا ساقيه وقدميه، ليغدو كسيحًا يحرسه عشرات ممن اعتادوا عبادة الحذاء العسكري كما يحب أن يقول أتباع النظام” وفق ما قال ذات الشاهد مشيراً أن” أبناء درعا لن يفوتوا أول فرصة قادمة لاقتلاع بقايا تمثال الأسد، والأسد نفسه إلى الأبد، فهم أصحاب ثورة، والثورة حق، والحق لا يموت ولا يسقط بالتقادم”.

وشهدت مدينة نوى في الريف الغربي في” جمعة العزة” خروج أكبر مظاهرة شعبية فيها ضد نظام الأسد، حيث تجمع الأهالي بعد صلاة الجمعة من كل المساجد في المدينة، وبلغ عددهم نحو 40 ألف متظاهر، خرجوا جميعاً باتجاه درعا البلد سيراً على الأقدام، على الرغم من تواجد نقاط عسكرية  على الطريق حاولت إيقاف المتظاهرين ولكن لم تستطع بسبب اعداد المتظاهرين الكبيرة.

ومزق المتظاهرون جميع صور “بشار الأسد” المتواجدة على مدخل بلدتي المزيريب واليادودة وهتفوا “بالروح بالدم نفديك يادرعا” ومطالبين بالحرية.

وانضم ال40 ألف متظاهر من مدينة نوى لآلاف المتظاهرين في “ساحة تشرين” وشاركوا في إسقاط “تمثال الأسد”، وامتزجت صيحاتهم بمطلب الثورة السورية “الشعب يريد إسقاط النظام”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى