أخبار

المهمة التي لا نهاية لها: البحث عن المفقودين في البحر الأبيض المتوسط 

تجمع أحرار حوران – عقبة محمد

يسلط هذا المقال الذي نشرته قناة الجزيرة الإنجليزية على رحلة بحث عائلات سوريين عن أبنائهم الذين فقدوا في البحر الأبيض المتوسط، منهم شاب من محافظة درعا.

رامي أبو عون وأنس الدرويش وسوريان آخران هما محمد الجوف ومحمد الكبارتي في الصحراء الليبية قبل دخولهم إلى الجزائر للإبحار نحو إسبانيا

نشر موقع قناة الجزيرة الإنجليزية في 3 كانون الأول الجاري تقريرًا يسلط فيه الضوء على معاناة أهالي المهاجرين وطالبي اللجوء السوريين الذين فقدوا في البحر الأبيض المتوسط أثناء توجههم إلى أوروبا ورحلة بحث عائلاتهم التي لا نهاية لها.

وركزت القناة في تقريرها على قصة الشاب رامي أبو عون الذي ينحدر من طريق السد في مدينة درعا، والذي انقطعت أخباره منذ أن انطلق في قارب من مدينة وهران الجزائرية باتجاه السواحل الإسبانية في مساء الثالث من كانون الثاني من العام 2022 وذلك برفقة سوريين آخرين وأشخاص من الجنسية المغربية والجزائرية.

دفعت الحرب المتواصلة والتحديات الاقتصادية التي يواجهها السوريون كلاجئين في البلدان المجاورة – ولا سيما الأردن ولبنان وتركيا – الآلاف إلى اختيار الرحلة الصعبة إلى أوروبا.

بحلول آذار 2021 وصل أكثر من مليون سوري إلى أوروبا كطالبي لجوء، لكن الكثير من بينهم من محافظة درعا مثل رامي أبو عون وأصدقائه الثلاثة الذين كان يسافر معهم، لم تطئ قدمهم الأراضي الأوروبية.

في العام 2008 قبل بدء الحرب في سوريا، انتقل رامي إلى لبنان للعثور على عمل ومتابعة التعليم العالي، وعندما عاد إلى سوريا في زيارة عام 2011 كانت هذه هي المرة الأخيرة التي تطأ فيها قدمه وطنه، حيث اندلعت الثورة في ذلك العام.

عندما اشتدت الهجمات على مسقط رأسه عام 2013 انتقلت والدة رامي وزوجته وأطفاله إلى لبنان للعيش معه، لكن من الناحية المالية كانت الأوضاع كارثية بالنسبة للعائلة.

لم يكن رامي يكسب ما يكفي، ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى الأزمة الاقتصادية المستمرة في لبنان، والتي تفاقمت خلال جائحة كوفيد-19 كانت وظيفته في أحد المطاعم تدر دخلاً قدره 50 دولارًا شهريًا، وهو ما لا يستطيع إعالة أسرته، وفقا لما يروي موقع الجزيرة.

قالت والدته إنه كان يفكر في الهجرة إلى أوروبا، حيث كان يريد أن يؤمن مستقبل لأطفاله الثلاثة، وفي عام 2021، تعرّف رامي على إمرأة سورية تدعى “لطيفة”.

ووفقاً لوثيقة سرية صادرة عن ألوية التحقيق التابعة للشرطة الوطنية الإسبانية المعنية بالشبكات الإجرامية (اطلعت عليها الجزيرة)، فقد تم تعريف “لطيفة” كزعيمة “لمنظمة إجرامية دولية معقدة”، حيث تعمل بشكل رئيسي على تهريب الأشخاص من سوريا إلى أوروبا.

وتشير الوثيقة إلى أنه يُعتقد أنها تولت نقل ما لا يقل عن 500 سوري إلى ليبيا، وأن شبكتها تضم ​​متعاونين من العديد من البلدان المختلفة، بما في ذلك إسبانيا.

قررت والدة رامي وعائلات السوريين الثلاثة الآخرين الذين كانوا يسافرون مع رامي، القيام بالبحث بأنفسهم، لأنهم لم يتلقوا المساعدة من أحد.

نفى رجل يطلق على نفسه اسم أبو الذهب الرقاوي، وهو وسيط آخر ربما شارك في ترتيب مغادرة رامي من الجزائر، غرق القارب فيما تحمل أي مسؤولية حول مصير الرجال، وفقًا لمحادثة نصية عرضتها والدة رامي على قناة الجزيرة.

وكانت زوجة أنس – أحد أصدقاء رامي الذي فقد معه – في الأردن عندما غادر زوجها إلى الجزائر لمحاولة الهجرة إلى إسبانيا. حيث كانت قد لجأت هي وأنس إلى البلقاء في الأردن عام 2011 بعد أن أصيب الرجل بقذيفة مدفعية في سوريا.

تواصلت المرأة مع الصليب الأحمر الإسباني، كما تمكنت من تقديم شكوى إلى أمين المظالم بتاريخ 24 نيسان 2022، لكن بعد أسابيع من التحقيق، ذكر التحقيق النهائي لأمين المظالم وبعد التشاور مع الشرطة الوطنية أن اسم زوجها غير موجود في قواعد بياناتهم، ما يترجم إلى أن هذه المجموعة التي فقدت لم تطأ قدماها الأراضي الإسبانية، لأن أول إجراء لوصول المهاجرين إلى شواطئ الدول المتوجهين إليها، هي التسجيل عند الشرطة.

في تشرين الثاني 2022 تلقت والدة رامي رسائل عبر تطبيق ماسنجر تفيد بأن رامي ورفاقه موجودون في سجن بمقاطعة ألميريا الإسبانية، إذ تم الحكم عليهم بتهمة حيازة المخدرات، حسب المحادثة التي اطّلعت عليها الجزيرة، وعندما اتصلت الجزيرة بالأمانة العامة للمؤسسات العقابية في إسبانيا للتحقق من هذه المعلومات، أجابت بأن الأشخاص المذكورين غير مسجلين في أي سجن.

ووفقاً لما جاء في التقرير فقد أوضحت “هيلينا مالينو”، رئيسة منظمة “كاميناندو فرونتراس” الإسبانية أن “الحكومة الإسبانية تقول إن كل شيء يجب أن يمر عبر الصليب الأحمر، لكن المنظمات غير الحكومية لا يمكنها أن تكون مسؤولة عن دعم العائلات والبحث عن المفقودين فهذه مسؤولية الشرطة”.

وأفادت “مالينو” أنه في عام 2022 وحده فُقد ما لا يقل عن 500 شخص أو ماتوا أثناء عبور الطريق الجزائري نحو إسبانيا، وهو الطريق البحري الأكثر دموية بعد طريق المحيط الأطلسي المؤدي إلى جزر الكناري.

ومنذ عام 2014 بلغ عدد المفقودين أو القتلى في البحر الأبيض المتوسط ​​28.229 شخصًا، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، كما أشارت أن عام 2023 كان حتى الآن العام الأكثر دموية بالنسبة لعبور البحر الأبيض المتوسط ​​منذ عام 2017.

ولا تزال والدة رامي تنتظر تلقي أي خبر عن ولدها مثل آلاف العائلات – منهم الكثير من محافظة درعا – التي فقدت أبنائها في البحر الأبيض المتوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى