أخبار

مقتل أحمد الشحادات في الصنمين.. استمرار مسلسل الاغتيالات في درعا

عملية اغتيال جديدة بأسلوب مختلف في مدينة الصنمين شمال محافظة درعا وسط جهود لتفعيل هيئة صلح لمعالجة ملف الاغتيالات و الثارات العشائرية

تجمع أحرار حوران – عقبة محمد

شهدت مدينة الصنمين شمال محافظة درعا، ليلة الإثنين 30 يونيو 2025، حادثة اغتيال جديدة أودت بحياة الشاب أحمد الشحادات، وسط تصاعد مستمر لظاهرة القتل المستهدف في المحافظة.

وفقًا لمصدر مقرب من عائلة الضحية تحدث لتجمع أحرار حوران، اقتحم مسلحون مجهولون منزل أحمد الشحادات وأطلقوا النار على صديقه عمار الفلاح، الذي كان يصادف خروجه من المنزل، ما أدى إلى مقتله على الفور. بعدها، توجّه المسلحون إلى غرفة نوم أحمد وأطلقوا عليه وابلًا من الرصاص، مما أدى إلى مقتله أمام عائلته.

وأضاف المصدر أن الجناة كانوا يرتدون زيًّا يشبه زيّ الأمن العام، وأطلقوا النار داخل المنزل لترويع النساء والأطفال ومنعهم من التدخل أثناء تنفيذ عملية الاغتيال.

أحمد الشحادات، البالغ من العمر 26 عامًا، كان عنصرًا سابقًا في فصائل الجيش الحر، ولم تكن هذه الحادثة هي الأولى التي تستهدف أسرته؛ إذ اغتيل والده محمد علي الشحادات وشقيقه طاهر الشحادات في 2 يوليو 2024.

وقد حصل “تجمع أحرار حوران” على مقطع فيديو مؤثر يوثّق جنازة أحمد، ظهرت فيه والدته تناشد الرئيس السوري أحمد الشرع قائلة: “خلي صوتي يوصل للشرع. طلعت من حرقة قلبي على زوجي وأولادي وقلت لكم بدهم ياهم وبدهم يفوتولي على الدار، ومبارح فاتولي على الدار وابني مرضان وقتلوه كان يصلي”.

عملية اغتيال الشحادات كانت مختلفة عن الأساليب المتبعة عادةً، حيث يعتمد المنفذون في معظم الحالات على إطلاق النار على الهدف أثناء تنقله باستخدام دراجة نارية أو سيارة، إلا أن هذه الحادثة تميزت بدخول المسلحين إلى منزل الشحادات وقتله وسط أفراد عائلته.

ووفقًا لمراسل تجمع أحرار حوران في مدينة الصنمين، فإن هذا الأسلوب تكرر في أكثر من 10 عمليات اغتيال شهدتها المدينة منذ عام 2020 حتى الآن، مما يمثل “انتهاكًا صارخًا لحرمة المنازل” ويثير مخاوف متزايدة بين السكان المحليين.

تؤثر عمليات الاغتيال بشكل سلبي على الواقع المعيشي في مدينة الصنمين، التي تُعد مركزًا تجاريًا مهمًا في شمال محافظة درعا، حيث أصبحت المدينة بيئة غير آمنة في ظل استمرار هذه العمليات، وفقًا لما أفاد به مراسل تجمع أحرار حوران في المنطقة.

وقال المراسل “الحياة في الصنمين اليوم لا تختلف كثيرًا عن تلك التي عاشها السكان في ظل سيطرة نظام الأسد. عند حلول الليل، تصبح الشوارع شبه خالية باستثناء المسلحين الذين يتجولون فيها.”

وأضاف المراسل أن العديد من أبناء المدينة المغتربين، الذين كانوا يخططون للعودة إلى المدينة لصيانة منازلهم المتضررة جراء قصف قوات الأسد، اضطروا لتغيير خططهم والانتقال إلى مناطق أخرى في دمشق نظرًا للظروف الأمنية المتدهورة.

وأشار المراسل إلى أن أصابع الاتهام تتجه نحو مجموعات مسلحة مرتبطة بالمدعو محسن الهيمد، الذي كان يعمل سابقًا لصالح فرع الأمن العسكري التابع لنظام الأسد، ويضم في مجموعته عناصر متورطة بتنظيم داعش، وأوضح أن هذه المجموعات تنفذ عمليات الاغتيال بناءً على خطط مدروسة.

وفي مارس الماضي، شنت قوات مشتركة من وزارتي الداخلية والدفاع حملة عسكرية على مدينة الصنمين، استهدفت المجموعات التابعة للهيمد التي كانت تتحصن في أحياء بالمدينة، والتي وصفتها السلطات بأنها “خارجة عن القانون”.

وجاءت تلك الحملة بعد قيام إحدى هذه المجموعات باستهداف نقطة عسكرية تابعة للأمن العام في المدينة.

ورغم الاشتباكات المسلحة العنيفة التي شهدتها المدينة، والتي تخللتها استخدام الأسلحة الثقيلة والقصف المتبادل، تمكن الهيمد من الفرار إلى جهة غير معلومة، وبعد انتهاء الحملة العسكرية، عادت عمليات الاغتيال لتنشط في المدينة، مما أعاد الأوضاع الأمنية إلى سابق عهدها قبل الحملة.

منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024 حتى يونيو 2025، وثّق مكتب توثيق الانتهاكات في تجمع أحرار حوران مقتل 54 شخصًا نتيجة 80 عملية ومحاولة اغتيال في محافظة درعا.

وخلّفت العمليات أيضًا 28 جريحًا، بينما نجا 21 شخصًا من محاولات اغتيال مماثلة، وتُعد مدينة الصنمين من أكثر المناطق تضررًا، حيث شهدت مقتل 17 شخصًا بسبب عمليات الاغتيال منذ بداية العام.

هيئة صلح لمعالجة ملف الإغتيالات والثارات العشائرية

تتعالى الأصوات في الصنمين مطالبةً الأجهزة الأمنية بوضع حدٍ لظاهرة الاغتيالات، ومحاسبة المتورطين، مع ضرورة تعزيز الانتشار الأمني في المدينة ومحيطها.

وفي ظل تصاعد عمليات الإغتيال، عقدت الأجهزة الأمنية والعسكرية في محافظة درعا اجتماعًا رفيع المستوى يوم 25 يونيو، تخلل الاجتماع مناقشة تشكيل غرفة عمليات مشتركة تضم الأمن الداخلي، وزارة الدفاع، والاستخبارات العسكرية، لمتابعة التطورات الأمنية والحد من الفوضى.

كما طُرح مقترح لتفعيل هيئة الصلح لمعالجة ملفات الدماء القديمة والثأر العشائري التي تُعد من أبرز مسببات الفوضى، حسبما أفاد مصدر قيادي حضر الإجتماع لتجمع أحرار حوران.

يُذكر أن مسلسل الاغتيالات بدأ في محافظة درعا بعد سيطرة روسيا ونظام الأسد والمليشيات الإيرانية على المنطقة في صيف 2018، ومنذ ذلك الحين، استهدفت أجهزة النظام الأمنية والمخابرات شخصيات معارضة للنظام، مما أدى إلى تصاعد الصراع وامتداده ليشمل أطرافًا مختلفة.

تستمر محافظة درعا في مواجهة حالة من الفوضى الأمنية المتمثلة بعمليات الاغتيال، وسط عدم وجود خطة واضحة لدى الأجهزة الأمنية لمعالجة جذور هذا الصراع الذي خلّف 1221 قتيلًا منذ منتصف عام 2018 وحتى نهاية عام 2024، بحسب مكتب توثيق الانتهاكات في تجمع أحرار حوران.

وفي حين يبقى الحل الأمني والعشائري مطروحًا كخيار للتهدئة، فإن استمرار القتل المستهدف ينذر بتفاقم الأوضاع في مناطق عدة في المحافظة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى