تقاريرتقارير وقصص إنسانية

جرحى القصف في درعا.. مصير مجهول، وأدوات بسيطة لإنقاذهم

تجمع أحرار حوران – يوسف المصلح

عقب فشل جولات عدة من المفاوضات بين لجان التفاوض في درعا، واللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري، والتي تعنت بوضع شروط “تعجيزية” للسيطرة على أحياء درعا البلد، شن النظام والميليشيات الإيرانية هجوماً عسكرياً هو الأضخم منذ سيطرته على المحافظة بموجب اتفاق التسوية الموقع مع فصائل المعارضة في تموز 2018، استخدمت خلاله قصفاً مكثفاً تركز معظمه على الأحياء السكنية.

أدوات شحيحة وأدوية غير متوفرة
أدت هجمات النظام الصاروخية، على الأحياء السكنية بدرعا البلد إلى سقوط 7 شهداء مدنيين، وعشرات الجرحى، منذ بداية الحملة العسكرية على المنطقة، في ظل نقص كبير في المستلزمات الطبية، وإغلاق النقطة الطبية الوحيدة في الأحياء، نظراً لتعمد استهدافها بالمضادات الأرضية، وقنص الطرقات الواصلة إليها، من قبل عناصر النظام الذين يتمركزون على أطراف المنطقة.

وقال الطبيب “زياد المحاميد” لتجمع أحرار حوران إنّ النقطة الطبية الوحيدة انتهت، وحالياً نقوم بعلاج المصابين في نقطة لا تملك أدنى المعايير الطبية، كالتهوية والتعقيم، إضافة إلى نقص حاد بالأدوية والمسكنات والسيرومات، وكافة المستلزمات التي نحتاجها لرعاية المصابين، إضافة إلى عدم وجود أجهزة طبية.

وأشار “المحاميد” في حديثه إلى الأوضاع الطبية السيئة داخل أحياء درعا البلد نتيجة إغلاق جميع المعابر المؤدية إليها، ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية إليها، على الرغم من وجود مرضى مصابين بأمراض مزمنة، فقدت أدويتهم بشكل كامل داخل الأحياء المحاصرة، وهم بحاجة إليها، إضافة إلى فقدان حليب الأطفال.

وبدوره دعا مصدر طبي فضل الكشف عن هويته، الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والطبية إلى إدخال المساعدات الطبية إلى الأحياء المحاصرة، نظراً للحاجة الماسة إليها، على حد وصفه.

وأضاف المصدر أن آلاف العائلات ستكون في كارثة إنسانية ما لم يتم إيقاف الهجمة العسكرية على درعا البلد، ووضع حد لانتهاكات النظام والميليشيات الطائفية بحق المدنيين، وإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية لرعايتها، وإنقاذ الجرحى والمرضى المصابين بأمراض مزمنة.

جرحى كادوا يفقدون حياتهم!
يروي أحد الجرحى من درعا البلد عن معاناته خلال تعرضه لإصابة في القدم، ناجمة عن شظايا صاروخية أطلقتها الميليشيات المهاجمة على أحياء درعا البلد، قائلاً “أثناء وقوفي أمام المنزل تعرضت لإصابة إثر انفجار قذيفة هاون بالقرب من منزلي، وتم نقلي من قبل الأهالي هناك إلى مكان يتم علاج الجرحى فيه، بعد أن جرى إغلاق النقطة الطبية نتيجة استهدافها”.

“تعرضت لنزيف حاد، وفقدت الكثير من الدماء، وكدت أن أفارق الحياة، نتيجة صعوبة التنقل داخل الأحياء المحاصرة، التي تتعرض لقصف ناري كثيف، واستهداف الطرقات بالرشاشات الثقيلة، إضافة إلى عدم توفر المواد الطبية القاطعة للنزيف، والأدوية اللازمة للعلاج”.

الأمر الذي أكده الطبيب “المحاميد” في تصريحه، “العلاج لدينا يقتصر على تقديم الإسعافات الأولية، وتهدئة المريض، وتقديم الرعاية له، أما الجروح البالغة لا نستطيع التعامل معها نتيجة عدم وجود الأدوات اللازمة”.

التجربة ذاتها مر بها العديد من الجرحى بعضهم فارق الحياة، وبعضهم الآخر تماثل بالشفاء، وسط مخاوف لدى الأطباء في درعا البلد من تصعيد عمليات القصف على الأحياء السكنية، التي يقطن بها مئات العائلات التي آثرن البقاء فيها، ومطالب بفتح معابر إنسانية لإخلاء الجرحى.

عائلات نازحة وأخرى محاصرة
رفضت آلاف العائلات من أحياء درعا البلد وطريق السد ومخيمات درعا، مغادرة منازلها باتجاه مناطق النظام في درعا المحطة، عبر معبر “السرايا”، على عكس الآلاف منها التي فضلت خيار النزوح، حفاظاً على حياتهم وأطفالهم، من قصف النظام العشوائي، وخصوصاً بعد ارتكاب قوات النظام لمجزرة في بلدة اليادودة راح ضحيتها ثلاثة أطفال وامرأة، نتيجة استهداف المباني السكنية في البلدة بصواريخ أرض-أرض من نوع “فيل”.

وإلى جانب القصف المكثف، وعدم وجود مستشفى أو نقطة طبية لرعايتهم، تعاني العائلات داخل الأحياء المحاصرة من انقطاع مياه الشرب منذ أكثر من عشرة أيام، إضافة إلى انقطاع تام للتيار الكهربائي، إضافة إلى نفاذ مادة الطحين في الأفران، وبالتالي انقطاع مادة الخبز، مما أجبر بعض العائلات على الخبز يدوياً بواسطة “الصاج” بما تبقى لديهم من طحين منزلي، وذلك حسب تصريح أحد وجهاء درعا.

اقرأ أيضاً.. محذرة من “الهيمنة الإيرانية”.. “مركزية درعا” تدعو روسيا إلى احترام وعودها (بيان)

ونوه إلى أن المواد الغذائية بشكل عام بدأت بالنفاذ، حيث أن أصحاب المحال التجارية لم يعد يستطيعون جلب المواد التموينية إلى تلك المحال، نتيجة الحصار المطبق على المنطقة، كون التجار يعمدون بشكل مباشر إلى جلب المواد من درعا المحطة، فضلاً عن الاستهدافات المتكررة للطرقات داخلها.

ولم تسلم العائلات التي دخلت مناطق النظام من انتهاكات عناصره، حيث تعرض عدد منهم إلى عمليات اعتقال طالت نساء، ناهيك عن الشتائم والضرب الذي تعرضوا لها، على الرغم من ادعاءه الاهتمام بهم عبر المنصات الإعلامية التابعة له، إضافة إلى الملاحقات الأمنية للشبان المتخلفين عن الخدمة الإلزامية من قبل فرع الأمن العسكري، وذلك بحسب تصريحات سابقة للتجمع.

في حين ما تزال ميليشيات الغيث تحاصر مئات العائلات منذ بداية الحملة العسكرية على المنطقة في كلاً من “منطقة تل السلطان – طريق غرز درعا – منطقة النخلة – شرق سد درعا – منطقة الشياح – منطقة الخشابي جنوب جمرك درعا البلد” وحرمتهم من الغذاء والدواء، وسط ظروف إنسانية صعبة، وسيطرة الميليشيات على عدد من منازل المدنيين وطردهم منها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى