أخبار

الفرقة الرابعة إلى الحدود مع الأردن.. الأسباب والدلالات

تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني

أصدرت حكومة النظام قرارًا جديدًا يقضي بإعادة نشر قوات الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رأس النظام على المعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية، والمراكز الحدودية الرسمية، وذلك تحت ذريعة منع تهريب الأموال والمواد والبضائع، والمساعدة بضبط سعر الصرف وضبط الحدود، وذلك حسب قرار مكتب الأمن الوطني الذي حمل الرقم 12/8 بتاريخ 2 كانون الثاني/يناير 2023.

القرار نص على تشكيل حواجز مشتركة من الفرقة الرابعة، إضافة إلى الفروع الأمنية الأربعة “العسكري والجوي وأمن الدولة والأمن السياسي”، للقيام بعمليات التفتيش إلى جانب عناصر الجمارك، كما نص القرار الذي حصل “تجمع أحرار حوران” على نسخة منه على أن تقوم تشكيلة القوات المذكورة بمراقبة الطرق الفرعية وطرق التهريب والشريط الحدودي.

صدور القرار في هذا التوقيت جاء لافتًا للنظر خاصة بعد صدور قانون مكافحة كبتاغون الأسد من قبل الولايات المتحدة الأميركية، والذي اعتبر أن بشار الأسد مسؤولاً شخصيًا عن عمليات تهريب المخدرات وتصنيعها في سوريا، حيث يحمل القرار أسباب ودلالات متعددة.

أسباب نشر الفرقة الرابعة
تعتبر الفرقة الرابعة أحد أهم القطعات العسكرية السورية، والتي ترتبط بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، كما تعتبر أهم القطعات القتالية التي لعبت دورًا مهمًا في قدرة النظام على استعادة السيطرة على مناطق عديدة من الأراضي السورية التي كانت خارج سيطرته، وذلك من خلال تحويل معظمها إلى قوات من المرتزقة غير النظامية والتي ارتكبت مجازر في معظم الجغرافيا السورية.

على الرغم أن هناك العديد من بؤر التوتر التي لا تزال موجودة في سوريا إلا أن القرار الأخير يجعل من الفرقة الرابعة حرسًا للحدود بشكل غير رسمي ومباشر، ومن هنا لا بد من وجود العديد من الأسباب التي دعت النظام لاتخاذ هذا القرار من أبرزها:

إرادة النظام ومن خلفه الإيرانيين إعادة ضبط عمليات تصنيع وتهريب وتجارة المخدرات في العديد من المناطق وعلى رأسها الجنوب السوري، حيث تشير المعلومات إلى أن العديد من تجار المخدرات بدأوا بالعمل لصالحهم الخاص، لذلك أراد النظام إعادة هؤلاء التجار إلى حضيرته، وأبرز هؤلاء التجار مرعي روشيد الرمثان من منطقة الشعاب في بادية السويداء والذي تم توقيفه مؤخرًا لعدة ساعات من قبل الأمن العسكري ليتم إطلاق سراحه وإعادته إلى منطقته.

حصر عمليات تهريب المخدرات من الحدود غير الشرعية والشرعية بيد الفرقة الرابعة، وأيضًا حصر طرق تهريب البشر أي المطلوبين للنظام بصرف النظر عن تبعيتهم بيد الفرقة حيث تشكل عمليات تهريب المطلوبين مصدرًا مهمًا للحصول على العملة الصعبة خاصة أن الدفع عادة ما يتم بالدولار الأميركي.

اقرأ أيضاً.. سعي إيراني لإغراق المنطقة العربية بالمخدرات

إضافة لذلك بات من الممكن للفرقة الرابعة من خلال نشر عناصرها على الطرق الفرعية فرض أتاوات على عمليات المرور والعبور ونقل البضائع بين المحافظات والمدن، وهذا ما يدل أن القرار الأخير يحمل أبعادًا اقتصادية تتمثل بجمع أكبر قدر ممكن من الأموال.

ما هي دلالات القرار؟
قرار نشر الفرقة الرابعة في المناطق الحدودية والمعابر والمراكز الحدودية يحمل أبعادًا سياسية وإقليمية إلى جانب البعد الاقتصادي الذي يمثله تهريب وتجارة المخدرات.

قرار نشر قوات الفرقة الرابعة شمل الحدود السورية الأردنية، وهي الحدود الأكثر إشكالية خلال الأعوام التي تلت عملية التسوية في تموز/يوليو 2018، حيث نص اتفاق التسوية على إبعاد الميليشيات الإيرانية إلى مسافة 60 كم عن الحدود مع الأردن.

أيضًا جاء القرار في الوقت الذي يتم الحديث فيه عن مشاورات تمتد منذ نحو 3 أشهر لتشكيل إقليم أداري في الجنوب السوري يكون تابعًا من الناحية الشكلية لحكومة النظام السوري فيما يسيطر عليه ويديره أبناء المحافظة.

من هنا يمكن القول أن هناك دلالات مهمة على خلفية تكليف الفرقة الرابعة بهذه المهمة، أبرزها تقديم إثبات للدول الإقليمية وعلى رأسها الأردن، والدولية أن عمليات تهريب المخدرات لن تتوقف ولكنها ستكون خلال المرحلة القادمة بأساليب مختلفة وبكميات أكبر وبحماية للمهربين من الفرقة الرابعة.

اقرأ أيضاً.. درعا : غرفة عمليات لتهريب الكبتاغون

كما يسعى النظام من خلال هذه الخطوة إلى ابتزاز الدول العربية والضغط عليها في أكثر من اتجاه، الأول هو استكمال التطبيع بين الدول العربية والنظام من أجل إعادة تعويمه وإعادته للجامعة العربية.

أما الثاني، فهو محاولة لقطع الطريق على أي مشاريع تتعلق بالإقليم الإداري في الجنوب من خلال تكريس سيطرة الفرقة الرابعة، والضغط بهذه الطريقة على الدول المبادرة بهذا المشروع للتراجع بعدة خطوات إلى الوراء والعودة إلى مربع مكافحة تصنيع وتهريب المخدرات وطي صفحة الإقليم الإداري من قبلها.

هل يمكن لروسيا أن تلعب أي دور كضامن في الجنوب؟
يوم الأربعاء الماضي، زار مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، أليكسندر لافرنتيف العاصمة الأردنية عمان، والتقى بوزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، حيث كانت سوريا محور اللقاء بين الطرفين بشكل عام والجنوب السوري الذي بات يعني الأردن أكثر من أي شيء بشكل خاص.

وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، قال إن تثبيت الاستقرار في الجنوب السوري ومواجهة تهديد تهريب المخدرات والإرهاب ووجود المليشيات خطر يواجهه الأردن، لافتا إلى أن بلاده تتخذ ما يلزم من إجراءات لمواجهته، والتعاون مع روسيا على إنهائه.

من جهته، أكد المبعوث الروسي أن بلاده ستتعاون مع الأردن في مواجهة التحديات في الجنوب السوري، “خصوصا فيما يتعلق بتهريب المخدرات وفي العمل على تثبيت الاستقرار”.

الاجتماعات الثنائية ليست الأولى بين مسؤولين أردنيين وروس، حيث سبق أن وعد الروس خلال اجتماعات سابقة بإيجاد حل يضمن الاستقرار في الجنوب، والعمل من أجل وقف تهريب المخدرات إلى الأردن، لكن هذه الوعود لم تُنفّذ على أرض الواقع.

لكن جميع المعطيات تدل على أن روسيا لا تملك أي أوراق حقيقية يمكن من خلالها طمأنة الأردن بقدرتهم على وقف عمليات التهريب أو العمل على استقرار المنطقة، فهم لا يملكون سوى الوعود، لذلك فإن الأردن توصل لقناعة في ظل عدم مقدرة الروس وإصرار عصابات التهريب على المضي بمشروعها.

بالنسبة للأوراق الروسية فإنها غير موجودة حاليًا، والورقة الوحيدة بعيدة عن الجنوب لكنها ستنعكس عليه مستقبلا، وهي محاولة إعادة تعويم الأسد، وهذا لن يشكل حلّا بأي حال من الأحوال بل سيزيد من تعقيد الأمور.

اقرأ أيضاً.. النظام يحاول الالتفاف على قانون مكافحة الكبتاجون.. تصعيد في الجنوب؟

الجنوب السوري، الملف الذي يزداد تعقيدًا مع مرور الأيام حيث بات في قلب الصراع الدولي والإقليمي خاصة بعد السيطرة الإيرانية والتراجع الروسي في المنطقة، بعد انشغالها في الحرب في أوكرانيا، فهي أسباب عديدة منعت روسيا من لعب دور الضامن الذي أرادته خلال الفترة الماضية، فيما تتجه الأوضاع نحو تصعيد جديد في الجنوب ستتضح ملامحه أكثر خلال المرحلة القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى