كيف رد النظام على مجزرة التضامن ؟
تجمع أحرار حوران – سلام عبد الله
سريعاً جاء رد النظام هذه المرة على المجزرة التي ارتكبتها قواته وميليشياته الطائفية قبل سنوات، في حي التضامن، في العاصمة دمشق.
كان النظام قد اعتاد إنكار المجازر التي يرتكبها، وظلت حالة الإنكار مرافقة لتطور الأوضاع على الأرض منذ اللحظة الأولى لانطلاق الثورة وحتى تاريخ سيطرة قواته على المناطق الثائرة بعد التدخل الروسي.
حالة الإنكار تلك شملت المجازر التي ارتكبت بالأسلحة التقليدية وغير التقليدية، لم يعترف بمجازر الكيماوي في خان شيخون وقبلها الغوطة الشرقية، وأنكر عمليات القتل والتنكيل بأهالي بانياس وبعض أحياء حمص الثائرة، التي عانت الأمرين من قطعان ميليشياته الطائفية.
لكن هذه المرة وعلى غير العادة لم نسمع أصواتاً من داخل النظام تنكر المجزرة، وتحيل التهم إلى العصابات الإرهابية المسلحة، التي ظلّت شماعة طوال سنواتٍ خلت.
بل وعلى عكس المتوقع فاجئ الأسد الموالين والمعارضين على حد سواء بإصدار مرسوم عفو عن الجرائم الإرهابية المرتكبة قبل نهاية نيسان /أبريل 2022، ما لم تتسبب تلك الجرائم بإزهاق أرواح.
بعد مرسوم العفو ذاك ذهبت التحليلات لفرضية أن يكون النظام قد أصدر المرسوم عفواً عن المجرم أمجد يوسف وباقي المجرمين الذين شاركوه الجريمة في التضامن، وهذه الفرضية يدحضها المرسوم لأنها لا تمنح مجرماً كأمجد العفو بعد أن أزهق أرواح أكثر من أربعين مدنياً، إرضاء لتعطشه لسفك الدم.
ولم يسبق للنظام أن حاسب مجرماً على أفعاله، العادة أن يموت الشخص الذي انتهى دوره بحادث مفتعل أو اغتيال على يد مسلحين، في حادثة استهداف مجهولة المكان والزمان والفاعل.
إذا ما الهدف من المرسوم، الواقع يقول أن النظام حاول إشغال الناس بقضية المعتقلين والمغيبين قسرياً في وسائل التواصل الاجتماعي، ولفت أنظارهم إلى قضية لا تقل في أهميتها عن جريمة التضامن في الشارع السوري على الأقل الذي يرقب الإفراج عن معتقل لمعرفة مصير البقية.
قد يتساءل البعض ما الفرق بين مجزرة التضامن وغيرها من المجازر، لتدفع النظام لإصدار مرسوم عفو، لم يسبق أن أصدر مرسوماً مشابهاً بعد المجازر التي ارتكبها سابقاً، والتي شغلت وسائل الإعلام على مدى سنوات.
الواضح هنا أن المجازر التي ارتكبتها طائراته كمجازر الكيماوي استطاع إخفاء أدلتها واتبع سياسة الإنكار المعتادة، في حين لم يتمكن من التعامل بالطريقة ذاتها مع مجزرة التضامن التي فضحت المجرمين بالصوت والصورة والأسماء والخلفيات الطائفية.
وخلال اليومين الماضيين تمكن النظام من حرف البوصلة عن تلك المجزرة، ليُشغل المواقع والصفحات السورية بقضية المعتقلين، الذين لم يبلغ عددهم حتى اللحظة 500 معتقل من كافة المحافظات السورية، من أصل أكثر من 131 ألف معتقل موثق لدى منظمات حقوقية وإنسانية محلية ودولية.
وعلى أية حال إن تلك المحاولة فشلت بتحقيق ما خطط له النظام، إذ أضاف المرسوم جريمة جديدة إلى سجل النظام الإجرامي، فقد أثبت أن مئات آلاف المعتقلين والمغيبين في سجونه تعرضوا لشتى أنواع العذاب النفسي والجسدي، بحسب الصور التي بدا عليها الناجون، وأثبت للعالم مرة أخرى أن معاناة البقية ستستمر، فعملية الاعتقال وتغيّب المدنيين قسرياً في معتقلاته حلقة من سلسلة مجازر بدأت منذ 2011 وما زالت مستمرة كانت مجزرة التضامن واحدة منها.