تقاريرتقارير ميدانية

في مصلحة من تصب قوانين ملكية العقارات الجديدة؟

تجمع أحرار حوران – راشد الحوراني

التغلغل الإيراني في سوريا، هو السمة الأبرز للتدخل الإيراني منذ العام 2011، ولهذا التغلغل أوجه مختلفة تعمل إيران على تنفيذها بوسائل مختلفة، وبتسهيل وتواطىء من النظام السوري، والذي يميل سياسيًا إلى إيران، في مقابل حمايته على مدار السنوات الماضية، والدعم الذي قدمته إيران له ماديًا وعسكريًا.

قوانين تجيز تملك الإيرانيين للعقارات
القانون رقم 11 لعام 2008، هو القانون الأول من نوعه الذي يصدر في سوريا والذي أجاز في حينها تملك العرب والأجانب للعقارات في سوريا، ويتم هذا التملك بموافقة حكومية لعقار سكني واحد بالنسبة للأسر، بالإضافة إلى السماح للبعثات الدبلوماسية والثقافية وغيرها بتملك العقارات، وهذا ما فتح الباب لأول مرة لتملك الإيرانيين عقارات في مناطق معينة أبرزها ريف دمشق، وخاصة السيدة زينب وما حولها على الرغم من تواجدهم فيها قبل ذلك التاريخ.

وفي العام 2011 وبعد اندلاع الثورة السورية، أصدر النظام القانون رقم 11 “الثاني” الخاص بتملك غير السوريين للعقارات في سوريا، والذي ألغى بموجبه القانون الصادر عام 2008.

ومع التعديلات التي جاءت في قانون 2011، برز توجه عام لدى النظام بالسماح للأفراد الأجانب بالتملك في سوريا بحرية تامة، وهذا يعني إجازة تملك أي أجنبي مقيم في سوريا، بغض النظر عن وجود أسرة له، وبغض النظر عن الشروط المتعلقة بالعقار، كما أن سحب الاستثناءات الممنوحة سابقًا لمجلس الوزراء، يشير إلى انعدام الحاجة للاستثناء مع رفع القيود الجزئية المفروضة سابقًا.

اقرأ أيضًا.. بسبب الانشغال الروسي.. إيران تسابق الوقت في بسط نفوذها جنوب سوريا

وجاءت التعديلات كما يلي:
أولاً: المادة الأولى في القانون رقم 11 لعام 2008، كانت قد وضعت شروطا ينبغي توفرها في الشخص غير السوري الذي يريد تملك عقار، وشروطا بخصوص العقار الذي يريد الأجنبي تملكه، واشترطت المادة أن يكون التملك لصالح الأسرة لا الأفراد، وأن تكون إقامة الأسرة في سوريا مشروعة بصرف النظر عن مدتها.

أما بخصوص العقار، فيجب أن يكون عقارًا واحدًا بقصد السكن الشخصي لتلك الأسرة، وأن يكون حاصلًا على التراخيص اللازمة وفقا لنظام ضابطة البناء، وأيضًا، يجب أن يكون العقار بمثابة وحدة سكنية متكاملة لا تقل مساحته المبنية عن 140 مترًا مربعًا، وفي كل الحالات يتوجب الحصول على ترخيص مسبق يصدر بقرار عن وزير الداخلية لإتمام عملية التملك.

التعديلات في قانون 2011، ألغت حصر التملك بأسرة الأجنبي، بل أصبح بإمكان أي أجنبي تملك عقار واحد فقط، كما ألغت التعديلات شرط المساحة المطلوبة لتملك العقار، وأسقطت التعديلات أيضاً الفقرة التي أجازت لمجلس الوزراء صلاحية منح استثناءات في هذا الخصوص.

ثانياً: المادة الثانية من قانون 2008، كانت تقول بمنع غير السوري الذي اكتسب ملكية عقار من التصرف به قبل مضي سنتين على اكتسابه الملكية، إلا بموافقة وزير الداخلية.

التعديل الجديد، أبقى على المادة ذاتها، ولكنه ألغى الاستثناء المتعلق بموافقة وزير الداخلية.

ثالثاً: المادة الثالثة من قانون 2008، كانت تقول بأنه إذا انتقل عقار لغير السوري، بطريق الإرث أو الوصية، فيسقط حقه فيه، إذا لم يكن هناك تعامل بالمثل من قبل الدولة التي يحمل جنسيتها، وفي حالة عدم التعامل بالمثل، يتوجب على الأجنبي نقل ملكية العقار الآيل إليه، إلى مواطن سوري، خلال سنتين، وإلا فسينتقل العقار إلى إدارة أملاك الدولة وفقا لأحكام قانون الاستملاك.

التعديل الجديد، غيّر فقط من المهلة الممنوحة للأجنبي قبل نقل ملكية عقاره إلى سوري، فغدت ثلاث سنوات، مع إلغاء الصلاحية الممنوحة سابقا لمجلس الوزراء بتجاوز الأحكام الواردة في المادة الثالثة.

كيف استفاد مقاتلو الميليشيات الإيرانية من تعديلات قانون تملك الأجانب؟
قانون تملك العقارات لغير السوريين، سهّل دخول مقاتلي الميليشيات الإيرانية وقياداتها، وباتوا من أهم زبائن السوق العقارية السورية، ما أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار العقارات وانعكاسها سلبًا على المواطن السوري، كما أدى لتحكمهم بجزء كبير من تجارة العقارات في مناطق مختلفة من سوريا، من بينها ريف دمشق ودرعا ما بعد العام 2018.

من جهة أخرى استخدمت الميليشيات الإيرانية هذه القوانين لعمليات غسيل الأموال التي يجنونها من تجارة المخدرات والسلاح وأنواع أخرى من النشاطات المالية الممنوعة، بالإضافة إلى العديد من التبادلات المالية تحت غطاء تجارة العقارات بين رجال أعمال مقربين من نظام الأسد وشركات مع دول متحالفة مع النظام لخرق العقوبات الدولية على سوريا.

وتشير معلومات “تجمع أحرار حوران” إلى انتشار العديد من سماسرة العقارات في محافظة درعا ممكن يقومون بتسهيل شراء العقارات للميليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني، تحت غطاء تجارة العقارات، ومن أبرز هؤلاء السماسرة “حيدر أ.خ”، “عاطف ط”، “عبد العزيز ر”، وغيرهم.

اقرأ أيضًا.. كيف تعمل إيران على تحويل الجنوب السوري لضاحية جنوبية ثانية؟

وقد استطاعت الميليشيات شراء عقارات عبارة عن منازل، وأراضي، في مدينة درعا، وفي منطقة الصنمين، إزرع، أتستراد دمشق درعا بالقرب من الجامعات الخاصة.

تغيير أسماء المناطق قد يمتد من ريف دمشق لدرعا.. دينيًا
التغيير الديموغرافي الذي تقوم به إيران مستمر، ولكنه ازداد في العامين الأخيرين بفعل الضغط الذي يشكله الحرس الثوري الإيراني على مؤسسات الدولة السورية، وقدرته على التحكم بها بشكل غير مسبوق.

بدأت القصة قبل نحو عام في منطقة السيدة زينب، حيث صدر قرار عن محافظة ريف دمشق بإعادة تسمية المنطقة، وأصبح “مدينة السيدة زينب عليها السلام” وهو اسم يحمل دلالة دينية وسياسية واضحة، وذلك بالتزامن عن مشروع سكني تعده محافظة ريف دمشق بضغط إيراني تحت مسمى “ضاحية زينب”، ما يجعله مشابهًا للضاحية الجنوبية في لبنان.

لم يقتصر الأمر على السيدة زينب، فمنطقة داريّا في ريف دمشق الغربي والتي تشكل امتدادًا جغرافيًا مهمًا لمحافظتي درعا والقنيطرة دخلت ضمن ما يمكن تسميته “المخطط الديموغرافي الإيراني” وذلك لوجود مقام ديني معروف باسم “مقام السيدة سكينة”.

وفي داريّا، بدأت عمليات شراء العقارات بعد سيطرة النظام عليها في عام 2016، من خلال وسطاء من أبناء المدينة، لمصلحة شخصيات إيرانية، تم منحها الجنسية السورية، وبإشراف من بعض الأجهزة الأمنية، ضمن خطة لإحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة، حيث تم شراء ما يزيد عن 200 منزل في المنطقة وذلك بحسب تقارير صحفية محلية.

منطقة مثلث الموت، بين درعا والقنيطرة، من أهم المناطق الاستراتيجية التي وضعت إيران يدها عليها، ومن بين التلول في هذه المنطقة ما تعرف بـ “تلول فاطمة”، حيث تشير معلومات حصل عليها “تجمع أحرار حوران” إلى أن الإيرانيين باتوا ينسبون تسمية هذه التلول إلى فاطمة الزهراء “رضي الله عنها”، وذلك لإيجاد ذريعة دينية للسيطرة عليها، وجعلها في المستقبل أحد مزارات الشيعة في محافظة درعا.

وسبق أن دعا رئيس دائرة آثار درعا “محمد النصر الله” وهو من أبناء درعا من الطائفة الشيعية في عام 2018، في إحدى ندوات تلفزيون النظام التي بُثّت من محافظة درعا إلى تشجيع السياحة الدينية في المحافظة، ما فتح باب التساؤل عن المراقد الدينية، أو المواقع الدينية الأثرية التي ترتبط بالإيرانيين في المحافظة، وأعطت مؤشرًا عمّا يتم الإعداد له، وصلته بشراء العقارات، وحملات نشر التشيع التي تعد بلدة قرفا مركزًا استراتيجيًا لها.

ومن الجدير بالذكر، أن إيران وحزب الله تمكنا من تركيز وجودهم في تلول فاطمة بشكل كبير، من خلال وجود عناصر ميليشيا فاطميون، وحركة النجباء، والسيطرة على تلال كروم والشعار القريبة بوجود قوات حزب الله اللبناني، فيهما أحد أهم مقار الحاج هاشم “منير علي النعيم”، والحاج أبو عبدالله وهم لبنانيا الجنسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى